*قرآنية البسملة* [الحلقة الرابعة]
هل البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة؟
{ معراج عالم محمد إنفاق التيمي }
لا خلاف بين علماء المسلمين وفقهاءهم في أن البسملة من القرآن، في قوله تعالى } إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم { [النمل:30]([1]).
وشجر الخلاف بين الفقهاء في كونها في أوائل السور حيثُ كتبت، على ثلاثة أقوال:
الأول: إنها من القرآن حيثُ كُتِبَتْ، آية من كتاب الله من أول كل سورة، وليست من السورة، لا من الفاتحة ، ولا من غيرها من السور.وهذا مذهب عبد الله بن المبارك([2]) وأحمد بن حنبل([3]) – وهي المنصورة عند أصحابه- والصحيح من المذهب عند الحنفية([4]) وداود الظاهري([5]).
الثاني: إنها من كل سورة سوى سورة البراءة، إما آية كاملة أو بعض آية على خلاف إلا أنه لم يختلف القول في أنها آية كاملة من الفاتحة. وهذا مذهب الشافعي([6])، وبه قال ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وطاووس([7])، ومكحول([8])، ووافق الشافعي في كونها من الفاتحة أحمد في رواية([9])، وإسحاق([10])
وأبو عبيد([11]) وعطاء([12]) وجماعة أهل الكوفة([13]) وأهل مكة([14]) وكثير من أهل العراق([15]).
الثالث: إنها ليست من القرآن لا من الفاتحة ولا من غيرها من السور إلا في سورة النمل في قوله تعالى } إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم { [ النمل:30] ولم ينزلها الله في كتابه في غير هذا الموضع من سورة النمل. وهذا مذهب الإمام مالك[16] وطائفة من الحنفية([17]) ، ووافقه الأوزاعي وعبد الله بن معبد الزماني([18])، وأبو جعفر الطبري([19])، ويحكى هذا رواية عن أحمد ولا يصح عنه، وإن كان قولاً في مذهبه([20]).
الأدلة والمناقشة:
استدل الإمام مالك ومن وافقه على نفيها من القرآن إلا في سورة النمل بما يأتي:
1- إن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والبسملة ليست متواترة فلا تكون قرآنا ([21])، أو بإجماع الأمة ، ولا يثبت بنقل آحاد و لا بقياس، ولا ما يؤدي إلى غلبة الظن ، وليس ههنا إجماع ولا نقل تقوم الحجة به ([22]).
وقد نوقش هذا الدليل بأنه باطل، لأن قولهم القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، إن أخذوه كلية اندرجت فيها صورة النزاع ، فالخصم يمنع الكلية لاشتمالها على صورة النزاع ، أو جزئية لم تفد شيئاً، إذ لعل صورة النزاع فيما بقي غير الجزئية، ومما يوضح لك فساده أن من زاد في القرآن ما ليس منه فهو كافر إجماعاً، وكذلك من نقص منه ما هو منه، فكان يلزم تكفيرنا أو تكفير خصمنا ، وهو خلاف الإجماع. فدل على أن القرآن ليس ملزوماً للتواتر، بل عند الخصم القرآن يثبت بالتواتر وبغير التواتر، فمصادرته على ذلك لا تجوز، لأنه يقول إن البسملة ليست متواترة، وهي قرآن ونحن أيضاً نقول هي غير متواترة، ولا يكفر مثبتها من القرآن ، فدل ذلك على أننا غير جازمين بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر([23]).
أما قولهم" و ليس هاهنا إجماع تقوم به الحجة" فغير مسلم، لأن الصحابة أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعاً في أوائل السور سوى سورة براءة بخط المصحف، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن، فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة y ([24]).
2- واستدلوا أيضاً بقوله تعالى } ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً { [النساء:82] والاختلاف موجود في " بسم الله الرحمن الرحيم " ، فعلمنا أنها ليست من كتاب الله تعالى، لأنه تعالى قد نفى الاختلاف عن كتابه بما تلونا، وبقوله تعالى } إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون { [الحجر:9]([25]).
وقد أجيبَ بأن المعنى في الآية الأولى ما عليه العمل في تأويلها بأنه حق كله، لا يوجد فيه باطل وحق، وما عداه من كلام الناس فيه الحق والباطل([26])، والدليل على صحة ذلك وجود الاختلاف فيه عند الجميع في القراءات، وفي الأحكام، وفي الناسخ والمنسوخ ، وفي التفسير وفي الإعراب والمعاني، وهذا لا مدفع فيه.
وأما قوله تعالى } وإنا له لحافظون { ففيه قولان ([27]) لا ثالث لهما:
أحدهما :إنا لحافظون عندنا([28]). والثاني: وإنا له لحافظون من أن يزيد فيه إبليس أو غيره أو ينقص([29])، وقيل: الهاء في قوله تعالى }وإنا له لحافظون{ كناية عن النبي r أي لحافظون له من كل من أراد بسوء من أعدائه([30])
أما أدلتهم في نفيها من الفاتحة ومن كل سورة ومن كل سورة، فهي نفس الأدلة التي احتج بها الحنابلة لمذهبهم،وسنذكرها معاً تجنباً من التكرار وتحاشياً منه.
أما الشافعية ومن وافقهم القائلون بأن البسملة من الفاتحة ومن كل سورة، استدلوا بأدلة نؤ جزها فيما يلي:
1- إن الصحابة y أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعاً في أوائل السور سوى سورة براءة بخط المصحف، بخلاف الأعشار وتراجم السور، فإن العادة كتابتها بحمرة ونحوها، فلو لم تكن قرآناً ، لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن، فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة y ([31]) ،وكذلك الناقلون عنه لم يختلفوا فيما اتفقوا عليه، ووجدناه مكتوباً في تلك المصاحف كسائر القرآن([32]).
وأجيبَ بأن الناقلين للمصحف لم يجمعوا على أنها من كل سورة ، بل أكثرهم يقول إنها ليست منها ، وإنما جُعِلت فصلاً بين السورتين([33]).
الاعتراض والجواب عليه: فإن قيل حدوث الاختلاف لا ينفي الإجماع، قلنا: ووجود الاختلاف يمنع ادعاء الإجماع([34]).
قال الكلوذاني: أما في المصاحف القديمة فإنها كتبت بغير القلم الذي كتب به آي السور كذا نقل، وعلى أنهم أثبتوا للفصل بين كل سورتين، ولهذا كتبوها سطراً مفرداً ولم يخلطوا بها غيرها، فدلّ على أنها آية مفردة ، ألا ترى أن جميع آي السور لا يفرد بعضها عن بعض بسطر مفرد؟ ولأنهم كتبوها في أوائل السور للتبرك، وهذا لا يدل على أنها منها، كما كتبوها في أوائل الكتب والرقاع للتبرك، لا أنها منها([35]).
وتخلص القائلون بإثباتها من كل سورة عن هذا الجواب بوجوه:
الأول: أن هذا فيه تغرير، لا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل.
الثاني: أنه لو كان للفصل لكُتبَتْ بين براءة والأنفال، ولما حسنَ كتابتها في أول الفاتحة.
الثالث: إن الفصل كان ممكناً بتراجم السور، كما حصل بين براءة والأنفال.
الرابع: أنه لو كانت للتبرك لاكتفى بها في أول المصحف أو لكتبت في أول براءة، ولما كتبت في أوائل السور التي فيها ذكر الله كالفاتحة ونحوها، فلم يكن حاجة إلى البسملة([36]).
ورده الكلوذاني بقوله: " ويدل على أنها للتبرك والفصل، ما روي عن ابن عباس أنه قال " كان النبي r لا يعلم فصل السورتين حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم " ([37])، وروي عن الشعبي " أن النبي r لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت سورة النمل" ([38])، ولو كانت من الحمد ومن كل سورة نزلت قبل النمل لكان يكتبها" ([39]).
2- حديث أم سلمة رضي الله عنها " أن رسول الله r قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم ، فعدها آية ، الحمد لله رب العالمين ، آيتين ..."([40]).
وأجيبَ من وجهين :
أ- ليس فيه أن النبي r قال إنها آية منها، وإنما قالت : إنه عدها آية ظناً منها([41]).
ب- أو هي تقول أنها آية مفردة للفصل بين السور([42]).
3- حديث أبي هريرة عن النبي r أنه قال: إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " إحدى آياتها" ([43]).
وأجيبَ بأنه يرويه أبو بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال ، وكان يحيى بن أبي سعيد والثوري يضعفان عبد الحميد" ([44]). وقال أبو بكر الحنفي: ثم لقيت نوحاً فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه([45]).
4- حديث بريدة قال، قال رسول الله r " لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو قال بسورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري، قال فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد، فأخرج رجله من أسكفة المسجد ، وبقيت الأخرى في المسجد، فقلت بيني وبين نفسي أ نسي ؟ قال: فأقبل عليّ بوجهه وقال: " بأي شيء تفتح القراءة إذا افتتحت الصلاة؟ قال، قلت:بـ " بسم الله الرحمن الرحيم" قال: هي، هي ثم خرج" ([46])
وأجيبَ بأن إسناد الحديث ضعيف جداً، فإنه من رواية سلمة بن صالح الأحمر عن يزيد بن أبي خالد عن عبد الكريم أبي أمية. فأما سلمة وعبد الكريم ، فقال أحمد ويحيى ليسا بشيء، وقال النسائي: يزيد متروك الحديث([47]).
5- حديث ابن عباس " كان النبي r لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم "([48]).
وقد نازع ابن المنذر في صحة الاستدلال بهذا الأثر، فقال: " ليس في قوله " كنا لا نعرف انتهاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم " دليل على أنها من كل سورة، لأنها إنما جعلت علماً بين السورة والتي بعدها، لا أنها آية من إحدى السورتين، كما كتبت في أول كل كتاب "([49]).
أما الذين قالوا بأن البسملة آية مفردة حيثُ كتبت في المصحف، أنزٍلَتْ للفصل وليست من الفاتحة ولا من كل سورة، احتجوا بأحاديث نورد أصحها دلالة على المقصود والمطلوب فيما يلي:
أولاً : الدليل على أنها ليست من الفاتحة، ما روى أبو هريرة قال سمعت رسول الله r يقول: قال الله تعالى " قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى حمدني عبدي...الحديث"([50]). قال ابن عبد البر: " وهو أصح حديث روي في سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول الفاتحة، وأبينه وأبعده من احتمال التأويل"اهـ([51]).
وجه الدلالة من وجهين :
أ- أنه بدأ بالحمد ولم يبدأ بالبسملة ، فلو كانت منها لبدأ بها([52]).
وأجيبَ بأن البسملة إنما لا تذكر لاندراجها في الآيتين بعدها([53]).
وقد رُدّ هذا الجواب بأنه لو صح هذا لاختصر بترك الثاني منهما ، وبدأ بالأول ، وأول السورة ، ولأن " بسم الله الرحمن الرحيم " أتم من الرحمن الرحيم فكان يذكره في الثناء أولى ([54]).
وقد أجاب الإمام النووي عن هذا الحديث بعدة أجوبة ([55])، قال الشوكاني بعد أن سرد بعضاً منها " و لا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ، ومنها ما هو متعسف"([56]).
ب – أنه قسمها بينه وبين عبده نصفين ، نصفها ثناء عليه، ونصفها دعاء للعبد، ولو كانت البسملة منها كانت آيات الثناء أربعاً ونصفاً، وآيات الدعاء آيتين ونصفاً([57]).
وأجيبَ عن هذا الاستدلال من عدة أوجه:
أحدها: منع إرادة حقيقة التنصيف، بل هو من باب قول الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفين شامت ** وآخر مثن بالذي كنت أصنع
فيكون المراد أن الفاتحة قسمان : أولها لله تعالى و آخرها للعبد.
والثاني: أن المراد بالتنصيف قسمان: الثناء والدعاء من غير اعتبار لعدد الآيات.
والثالث: أن الفاتحة إذا قسمت باعتبار الحروف والكلمات ، والبسملة منها كان التنصيف في شطريها أقرب مما إذا قسمت بخلاف البسملة، فلعل المراد تقسيمها باعتبار الحروف ([58])، وقيل: حقيقة هذه القسمة منصرفة إلى المعنى لا إلى متلو اللفظ([59]).
ورد الكلوذاني هذه الأجوبة: بأنه إنما ذكر الآي، فقال: فإذا قال العبد "الحمد لله رب العالمين " قال حمدني عبدي ، وإذا قال " الرحمن الرحيم " قال أثنى عليّ عبدي، وإذا قال" مالك يوم الدين " قال مجدني عبدي ، ثم قال في الآية الرابعة " هذه بيني وبين عبدي " يرجع القسمة إلى ما ذكر ، دون ما لم يجر له ذكر وهي الحروف ، وعلى أن حروف الدعاء أكثر من حروف الثناء مع البسملة، لأن الدعاء نيف وسبعون، وحروف الثناء ثمانية وستون ، فسقط التأويل([60]).
ثم قال النووي:إن توجه التنصف إلى آيات الفاتحة ممنوع من أصله، وإنما التنصف متوجه إلى الصلاة بنص الحديث([61]).
وأجيبَ بأن لفظ " الصلاة " استعمل مجازاً في القراءة الواجبة – الفاتحة-، لأن القسمة ليست في أفعال الصلاة، ولا في غيرها من الأذكار، فتعين أن يكون مجازاً في الفاتحة ([62])، ولهذا فسر بها ، وهذا شائع في اللغة، والشرع يعبر ببعض الشيء عنه، تقول رأيت فلاناً وأنت رأيت وجهه من روزنه، وقال تعالى } ولا تجهر بصلاتك { [ الإسراء:110]أراد القراءة، وتسمى الركعة الواحدة صلاة، و السجدة صلاة، لأنها من أركانها ، فيعبر بها عنها([63]).
ورده أصحاب الشافعي بأنه ليس المراد من الصلاة القراءة الواجبة، بل المراد قسمة ذكر الصلاة أي الذكر المشروع فيها، وهو ثناء ودعاء، فالثناء منصرف إلى الله تعالى، سواء ما وقع منه في القراءة، وما وقع منه في الركوع والسجود وغيرهما، والدعاء منصرف إلى العبد سواء ما وقع منه في القراءة والركوع والسجود وغيرهما([64]).
والجواب على ذلك من وجوه:
أ- إن كل من أطلق لفظه حمل على عرفه، ولذلك حملنا قوله r " لا يقبل الله صلاة بغير طهور"([65]) على الصلاة الشرعية ([66]).
ب- إن لفظ " الصلاة " و " القرآن " كل واحد منهما يستعمل مجازاً بمعنى الآخر، قال تعالى }ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها{ [الإسراء:110] قيل معناها: القراءة.وقال تعالى} وقرآن الفجر{ [الإسراء:78]أي صلاة الصبح، فسمّى الصلاة مرة قرآناً ، والقرآن مرة صلاة ([67]).
ج - منع إرادة قسمة الذكر بنص الحديث ، حيثُ فسرها النبي r بالفاتحة ، وهي القراءة الواجبة في الصلاة.
د – يلزم من إرادة قسمة الذكر إضمار لفظ " الذكر " في الحديث أي " قسمت ذكر الصلاة " والمجاز أولى من الإضمار ، كما تقرر في علم الأصول([68]).
الشبهة والرد عليها:
قال بعض الشافعية إن إثبات " بسم الله الرحمن الرحيم " أولى من وجهين:
أ- ليكون الكلام في السابعة تاماً مستقلاً.
ب- أن لا يكون الابتداء في السابعة بقوله } غير المغضوب عليهم { لأنه لفظ استثناء ، وليس في القرآن آية مبتدأة به ([69]).
وأجيبَ عن الأول: بأن الكلام تام ومستقل ، و إلا فلو قلنا: "يا رب اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم" كان دعاء تاماً كاملاً، ثم يلزم " اهدنا الصراط المستقيم " هو غير تام على قولكم، لأنه يتعلق بما بعده، وهو " صراط الذين " وجعلته آخر آية ، وجعلت " صراط الذين " أول آية وهو متعلق بما قبله ([70]).
وعن الثاني: بأن هذا جائز، قد عده أهل المدينة وأهل الشام ،ومثله في عدة مواضع، قال تعالى } ويخلد فيه مهانا { [الفرقان:69] ثم ابتدأ } إلا من تاب وآمن { [الفرقان:70] وقال } فبشرهم بعذاب أليم { ثم قال} إلا الذين آمنوا{ [ الانشقاق:24-25] وقال }ثم رددناه أسفل سافلين { ثم قال }إلا الذين آمنوا{ [التين:5-6] وفي سورة العصر ثلاث آيات والآية الأخيرة } إلا الذين آمنوا{ [ العصر:3]وهو استثناء، وهذا لأن الاستثناء المقطوع بمنزلة الكلام المبتدأ، وهو مقطوع، لأن " المغضوب عليهم" ليس من جنس الذين أنعم الله عليهم، والاستثناء من غير الجنس لا يكون صفة ، فيكون مقطوعاً([71]).
ثم اعترض على هذا الحديث باعتراضين ([72]):
الأول: قال الرازي: "ولا يغتر بكونه في صحيح مسلم ، فإن من رواته العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، وقد ضعفه يحيى بن معين"([73]).
الثاني: أنه جاء ذكر البسملة([74]) في بعض الروايات، فقال " فإذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله ذكرني عبدي " ([75])، وهذه الرواية وإن كان فيها ضعف، لكنها مفسرة لحديث مسلم أنه أراد السورة لا الآية 0
وأُجيبَ عن الأول: بأن العلاء بن عبد الرحمن ثقة، روى عنه جماعة ، منهم الأئمة ، ولم يثبت فيه لأحد حجة، وهو حجة فيما نقل- والله أعلم - ، وحديثه في هذا الباب يقضي بأن " بسم الله الرحمن الرحيم" ليست آية من فاتحة الكتاب، وهو نص في موضع الخلاف لا يحتمل التأويل([76]).
قال الزيلعي ردّاً على هذه الشبهة: " وهذا القائل حمله الجهل وفرط التعصب على أنْ ترك الحديث الصحيح، وضعَّفه لكونه غير موافق لمذهبه، وقال: لا يعبأ بكونه في صحيح مسلم، مع أنه قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الأثبات، كمالك وسفيان بن عيينة ، وابن جريج وشعبة وعبد العزيز الدراوردي وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير وغيرهم، والعلاء نفسه ثقة صدوق" ([77]).
وعن الثاني: بأنه لم يرو هذا غير عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن ، وهو متروك الحديث عند أصحاب الحديث، وجميع الثقات رووا عن العلاء بن عبد الرحمن من غير ذكر البسملة([78]).
قال الزيلعي: وهذه الرواية انفرد بها عنه ابن سمعان، وهو كذاب، ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولا في المصنفات المشهورة، ولا المسانيد المعروفة، وإنما رواه الدارقطني في سننه التي يروي فيها غرائب الحديث ([79]).
وقال الدارقطني بعد أن أورد الحديث: ابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان ، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات عن العلاء بن عبد الرحمن، منهم مالك بن أنس وابن جريج وروح بن القاسم وابن عيينة وابن عجلان والحسن بن الحر وأبو أويس وغيرهم على اختلاف منهم في الإسناد، واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه " بسم الله الرحمن الرحيم " واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب ([80]).
ثانياً: الدليل على أنها ليست من كل سورة:
1- حديث أبي هريرة عن النبي r أنه قال:" سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك " ([81]).
وجه الدلالة من الحديث: أنها ثلاثون آية سوى بسم الله الرحمن الرحيم ، ولو كانت التسمية منها لبدأ بها وكانت إحدى وثلاثين آية([82]).
2- و أجمع الناس على أن سورة الـكوثـر ثلاث آيات بـدون بسم الله الرحمن الرحيم ، ولـو كانت منها لكانت أربعاً ([83]).
أجاب الشافعية عن ذلك من وجهين :
أ- قال الماوردي: " إنهم أشاروا إلى ما سوى بسم الله الرحمن الرحيم " ([84])، وقال النووي:" وأما الجواب عن حديث شفاعة تبارك ، فالمراد ما سوى البسملة، لا أنها غير مختصة بهذه السورة" ([85]).
ب- قالوا : بأنه يجوز أن يكونوا جعلوها مع الآية الأولى واحدة([86]).
وأجيبَ عن الأول: بأنه لا يجوز ترك ذلك لأجل المشاركة ، كما لا يترك " الـم([87]) " و"حـم([88]) " و" الـر([89])" لأجل المشاركة، ولأنه لو قصد تعريفها لقال:" سورة تبارك الملك " ، فلما قرأ الآية على نظمها دلّ على أنه قصد قراءة أولها.
وعن الثاني: أن هذا قول يخالف جميع أهل العدد، فإنهم أجمعوا على أنها ليست آية من كل سورة، فمُثْبِتُها مخالف الإجماع قبله ([90]).
الـــراجـــح: بعد هذا العرض والبيان ، ومناقشة الأدلة، يتبين أن القول الراجح في المسألة هو القول الأول، وهو أن البسملة من القرآن حيثُ كُتِبتْ، آية مستقلة من كتاب الله من أول كل سورة وليست من السورة، وذلك لما يأتي:
1- لقوة أدلة القائلين بهذا القول.
2- ولأن هذا القول هو أعدل الأقوال ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله([91]).
3- ولأن الأدلة تشهد لهذا القول ، وتجتمع على ذلك، فإن كتابتها في المصحف وإثباتها فيه دليل على أنها من القرآن، وكتابتها مفردة مفصولة عما قبلها وبعدها، تدل على أنها ليست من السورة، بدليل حديث أبي هريرة السابق عن النبي r أنه قال " سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك"([92]).
وهذا لا ينافي ذلك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس قال، بينا رسول الله r ذات يوم بين أظهرنا إذْ أغفي إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله ، قال: " أنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم } إنا أعطيناك الكوثر* فصلِّ لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر{([93])، فلم يذكر أنها من السورة ، بل فيه أنها تقرأ في أول السورة، وهذه سنة ، فإنها تقرأ في أول كل سورة، وإن لم تكن من السورة.
ومثله حديث ابن عباس " كان رسول الله r لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم "([94])، ففيه أنها نزلت للفصل ، وليس فيه أنها آية منها. وكذا سورة "تبارك الذي بيده الملك" ثلاثون آية بدون البسملة.
د- ولأن العادّين لآيات القرآن لم يعد أحد منهم البسملة من السورة([95]). والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
هل البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة؟
{ معراج عالم محمد إنفاق التيمي }
لا خلاف بين علماء المسلمين وفقهاءهم في أن البسملة من القرآن، في قوله تعالى } إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم { [النمل:30]([1]).
وشجر الخلاف بين الفقهاء في كونها في أوائل السور حيثُ كتبت، على ثلاثة أقوال:
الأول: إنها من القرآن حيثُ كُتِبَتْ، آية من كتاب الله من أول كل سورة، وليست من السورة، لا من الفاتحة ، ولا من غيرها من السور.وهذا مذهب عبد الله بن المبارك([2]) وأحمد بن حنبل([3]) – وهي المنصورة عند أصحابه- والصحيح من المذهب عند الحنفية([4]) وداود الظاهري([5]).
الثاني: إنها من كل سورة سوى سورة البراءة، إما آية كاملة أو بعض آية على خلاف إلا أنه لم يختلف القول في أنها آية كاملة من الفاتحة. وهذا مذهب الشافعي([6])، وبه قال ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وطاووس([7])، ومكحول([8])، ووافق الشافعي في كونها من الفاتحة أحمد في رواية([9])، وإسحاق([10])
وأبو عبيد([11]) وعطاء([12]) وجماعة أهل الكوفة([13]) وأهل مكة([14]) وكثير من أهل العراق([15]).
الثالث: إنها ليست من القرآن لا من الفاتحة ولا من غيرها من السور إلا في سورة النمل في قوله تعالى } إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم { [ النمل:30] ولم ينزلها الله في كتابه في غير هذا الموضع من سورة النمل. وهذا مذهب الإمام مالك[16] وطائفة من الحنفية([17]) ، ووافقه الأوزاعي وعبد الله بن معبد الزماني([18])، وأبو جعفر الطبري([19])، ويحكى هذا رواية عن أحمد ولا يصح عنه، وإن كان قولاً في مذهبه([20]).
الأدلة والمناقشة:
استدل الإمام مالك ومن وافقه على نفيها من القرآن إلا في سورة النمل بما يأتي:
1- إن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والبسملة ليست متواترة فلا تكون قرآنا ([21])، أو بإجماع الأمة ، ولا يثبت بنقل آحاد و لا بقياس، ولا ما يؤدي إلى غلبة الظن ، وليس ههنا إجماع ولا نقل تقوم الحجة به ([22]).
وقد نوقش هذا الدليل بأنه باطل، لأن قولهم القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، إن أخذوه كلية اندرجت فيها صورة النزاع ، فالخصم يمنع الكلية لاشتمالها على صورة النزاع ، أو جزئية لم تفد شيئاً، إذ لعل صورة النزاع فيما بقي غير الجزئية، ومما يوضح لك فساده أن من زاد في القرآن ما ليس منه فهو كافر إجماعاً، وكذلك من نقص منه ما هو منه، فكان يلزم تكفيرنا أو تكفير خصمنا ، وهو خلاف الإجماع. فدل على أن القرآن ليس ملزوماً للتواتر، بل عند الخصم القرآن يثبت بالتواتر وبغير التواتر، فمصادرته على ذلك لا تجوز، لأنه يقول إن البسملة ليست متواترة، وهي قرآن ونحن أيضاً نقول هي غير متواترة، ولا يكفر مثبتها من القرآن ، فدل ذلك على أننا غير جازمين بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر([23]).
أما قولهم" و ليس هاهنا إجماع تقوم به الحجة" فغير مسلم، لأن الصحابة أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعاً في أوائل السور سوى سورة براءة بخط المصحف، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن، فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة y ([24]).
2- واستدلوا أيضاً بقوله تعالى } ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً { [النساء:82] والاختلاف موجود في " بسم الله الرحمن الرحيم " ، فعلمنا أنها ليست من كتاب الله تعالى، لأنه تعالى قد نفى الاختلاف عن كتابه بما تلونا، وبقوله تعالى } إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون { [الحجر:9]([25]).
وقد أجيبَ بأن المعنى في الآية الأولى ما عليه العمل في تأويلها بأنه حق كله، لا يوجد فيه باطل وحق، وما عداه من كلام الناس فيه الحق والباطل([26])، والدليل على صحة ذلك وجود الاختلاف فيه عند الجميع في القراءات، وفي الأحكام، وفي الناسخ والمنسوخ ، وفي التفسير وفي الإعراب والمعاني، وهذا لا مدفع فيه.
وأما قوله تعالى } وإنا له لحافظون { ففيه قولان ([27]) لا ثالث لهما:
أحدهما :إنا لحافظون عندنا([28]). والثاني: وإنا له لحافظون من أن يزيد فيه إبليس أو غيره أو ينقص([29])، وقيل: الهاء في قوله تعالى }وإنا له لحافظون{ كناية عن النبي r أي لحافظون له من كل من أراد بسوء من أعدائه([30])
أما أدلتهم في نفيها من الفاتحة ومن كل سورة ومن كل سورة، فهي نفس الأدلة التي احتج بها الحنابلة لمذهبهم،وسنذكرها معاً تجنباً من التكرار وتحاشياً منه.
أما الشافعية ومن وافقهم القائلون بأن البسملة من الفاتحة ومن كل سورة، استدلوا بأدلة نؤ جزها فيما يلي:
1- إن الصحابة y أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعاً في أوائل السور سوى سورة براءة بخط المصحف، بخلاف الأعشار وتراجم السور، فإن العادة كتابتها بحمرة ونحوها، فلو لم تكن قرآناً ، لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن، فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة y ([31]) ،وكذلك الناقلون عنه لم يختلفوا فيما اتفقوا عليه، ووجدناه مكتوباً في تلك المصاحف كسائر القرآن([32]).
وأجيبَ بأن الناقلين للمصحف لم يجمعوا على أنها من كل سورة ، بل أكثرهم يقول إنها ليست منها ، وإنما جُعِلت فصلاً بين السورتين([33]).
الاعتراض والجواب عليه: فإن قيل حدوث الاختلاف لا ينفي الإجماع، قلنا: ووجود الاختلاف يمنع ادعاء الإجماع([34]).
قال الكلوذاني: أما في المصاحف القديمة فإنها كتبت بغير القلم الذي كتب به آي السور كذا نقل، وعلى أنهم أثبتوا للفصل بين كل سورتين، ولهذا كتبوها سطراً مفرداً ولم يخلطوا بها غيرها، فدلّ على أنها آية مفردة ، ألا ترى أن جميع آي السور لا يفرد بعضها عن بعض بسطر مفرد؟ ولأنهم كتبوها في أوائل السور للتبرك، وهذا لا يدل على أنها منها، كما كتبوها في أوائل الكتب والرقاع للتبرك، لا أنها منها([35]).
وتخلص القائلون بإثباتها من كل سورة عن هذا الجواب بوجوه:
الأول: أن هذا فيه تغرير، لا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل.
الثاني: أنه لو كان للفصل لكُتبَتْ بين براءة والأنفال، ولما حسنَ كتابتها في أول الفاتحة.
الثالث: إن الفصل كان ممكناً بتراجم السور، كما حصل بين براءة والأنفال.
الرابع: أنه لو كانت للتبرك لاكتفى بها في أول المصحف أو لكتبت في أول براءة، ولما كتبت في أوائل السور التي فيها ذكر الله كالفاتحة ونحوها، فلم يكن حاجة إلى البسملة([36]).
ورده الكلوذاني بقوله: " ويدل على أنها للتبرك والفصل، ما روي عن ابن عباس أنه قال " كان النبي r لا يعلم فصل السورتين حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم " ([37])، وروي عن الشعبي " أن النبي r لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت سورة النمل" ([38])، ولو كانت من الحمد ومن كل سورة نزلت قبل النمل لكان يكتبها" ([39]).
2- حديث أم سلمة رضي الله عنها " أن رسول الله r قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم ، فعدها آية ، الحمد لله رب العالمين ، آيتين ..."([40]).
وأجيبَ من وجهين :
أ- ليس فيه أن النبي r قال إنها آية منها، وإنما قالت : إنه عدها آية ظناً منها([41]).
ب- أو هي تقول أنها آية مفردة للفصل بين السور([42]).
3- حديث أبي هريرة عن النبي r أنه قال: إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " إحدى آياتها" ([43]).
وأجيبَ بأنه يرويه أبو بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال ، وكان يحيى بن أبي سعيد والثوري يضعفان عبد الحميد" ([44]). وقال أبو بكر الحنفي: ثم لقيت نوحاً فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه([45]).
4- حديث بريدة قال، قال رسول الله r " لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو قال بسورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري، قال فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد، فأخرج رجله من أسكفة المسجد ، وبقيت الأخرى في المسجد، فقلت بيني وبين نفسي أ نسي ؟ قال: فأقبل عليّ بوجهه وقال: " بأي شيء تفتح القراءة إذا افتتحت الصلاة؟ قال، قلت:بـ " بسم الله الرحمن الرحيم" قال: هي، هي ثم خرج" ([46])
وأجيبَ بأن إسناد الحديث ضعيف جداً، فإنه من رواية سلمة بن صالح الأحمر عن يزيد بن أبي خالد عن عبد الكريم أبي أمية. فأما سلمة وعبد الكريم ، فقال أحمد ويحيى ليسا بشيء، وقال النسائي: يزيد متروك الحديث([47]).
5- حديث ابن عباس " كان النبي r لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم "([48]).
وقد نازع ابن المنذر في صحة الاستدلال بهذا الأثر، فقال: " ليس في قوله " كنا لا نعرف انتهاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم " دليل على أنها من كل سورة، لأنها إنما جعلت علماً بين السورة والتي بعدها، لا أنها آية من إحدى السورتين، كما كتبت في أول كل كتاب "([49]).
أما الذين قالوا بأن البسملة آية مفردة حيثُ كتبت في المصحف، أنزٍلَتْ للفصل وليست من الفاتحة ولا من كل سورة، احتجوا بأحاديث نورد أصحها دلالة على المقصود والمطلوب فيما يلي:
أولاً : الدليل على أنها ليست من الفاتحة، ما روى أبو هريرة قال سمعت رسول الله r يقول: قال الله تعالى " قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى حمدني عبدي...الحديث"([50]). قال ابن عبد البر: " وهو أصح حديث روي في سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول الفاتحة، وأبينه وأبعده من احتمال التأويل"اهـ([51]).
وجه الدلالة من وجهين :
أ- أنه بدأ بالحمد ولم يبدأ بالبسملة ، فلو كانت منها لبدأ بها([52]).
وأجيبَ بأن البسملة إنما لا تذكر لاندراجها في الآيتين بعدها([53]).
وقد رُدّ هذا الجواب بأنه لو صح هذا لاختصر بترك الثاني منهما ، وبدأ بالأول ، وأول السورة ، ولأن " بسم الله الرحمن الرحيم " أتم من الرحمن الرحيم فكان يذكره في الثناء أولى ([54]).
وقد أجاب الإمام النووي عن هذا الحديث بعدة أجوبة ([55])، قال الشوكاني بعد أن سرد بعضاً منها " و لا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ، ومنها ما هو متعسف"([56]).
ب – أنه قسمها بينه وبين عبده نصفين ، نصفها ثناء عليه، ونصفها دعاء للعبد، ولو كانت البسملة منها كانت آيات الثناء أربعاً ونصفاً، وآيات الدعاء آيتين ونصفاً([57]).
وأجيبَ عن هذا الاستدلال من عدة أوجه:
أحدها: منع إرادة حقيقة التنصيف، بل هو من باب قول الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفين شامت ** وآخر مثن بالذي كنت أصنع
فيكون المراد أن الفاتحة قسمان : أولها لله تعالى و آخرها للعبد.
والثاني: أن المراد بالتنصيف قسمان: الثناء والدعاء من غير اعتبار لعدد الآيات.
والثالث: أن الفاتحة إذا قسمت باعتبار الحروف والكلمات ، والبسملة منها كان التنصيف في شطريها أقرب مما إذا قسمت بخلاف البسملة، فلعل المراد تقسيمها باعتبار الحروف ([58])، وقيل: حقيقة هذه القسمة منصرفة إلى المعنى لا إلى متلو اللفظ([59]).
ورد الكلوذاني هذه الأجوبة: بأنه إنما ذكر الآي، فقال: فإذا قال العبد "الحمد لله رب العالمين " قال حمدني عبدي ، وإذا قال " الرحمن الرحيم " قال أثنى عليّ عبدي، وإذا قال" مالك يوم الدين " قال مجدني عبدي ، ثم قال في الآية الرابعة " هذه بيني وبين عبدي " يرجع القسمة إلى ما ذكر ، دون ما لم يجر له ذكر وهي الحروف ، وعلى أن حروف الدعاء أكثر من حروف الثناء مع البسملة، لأن الدعاء نيف وسبعون، وحروف الثناء ثمانية وستون ، فسقط التأويل([60]).
ثم قال النووي:إن توجه التنصف إلى آيات الفاتحة ممنوع من أصله، وإنما التنصف متوجه إلى الصلاة بنص الحديث([61]).
وأجيبَ بأن لفظ " الصلاة " استعمل مجازاً في القراءة الواجبة – الفاتحة-، لأن القسمة ليست في أفعال الصلاة، ولا في غيرها من الأذكار، فتعين أن يكون مجازاً في الفاتحة ([62])، ولهذا فسر بها ، وهذا شائع في اللغة، والشرع يعبر ببعض الشيء عنه، تقول رأيت فلاناً وأنت رأيت وجهه من روزنه، وقال تعالى } ولا تجهر بصلاتك { [ الإسراء:110]أراد القراءة، وتسمى الركعة الواحدة صلاة، و السجدة صلاة، لأنها من أركانها ، فيعبر بها عنها([63]).
ورده أصحاب الشافعي بأنه ليس المراد من الصلاة القراءة الواجبة، بل المراد قسمة ذكر الصلاة أي الذكر المشروع فيها، وهو ثناء ودعاء، فالثناء منصرف إلى الله تعالى، سواء ما وقع منه في القراءة، وما وقع منه في الركوع والسجود وغيرهما، والدعاء منصرف إلى العبد سواء ما وقع منه في القراءة والركوع والسجود وغيرهما([64]).
والجواب على ذلك من وجوه:
أ- إن كل من أطلق لفظه حمل على عرفه، ولذلك حملنا قوله r " لا يقبل الله صلاة بغير طهور"([65]) على الصلاة الشرعية ([66]).
ب- إن لفظ " الصلاة " و " القرآن " كل واحد منهما يستعمل مجازاً بمعنى الآخر، قال تعالى }ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها{ [الإسراء:110] قيل معناها: القراءة.وقال تعالى} وقرآن الفجر{ [الإسراء:78]أي صلاة الصبح، فسمّى الصلاة مرة قرآناً ، والقرآن مرة صلاة ([67]).
ج - منع إرادة قسمة الذكر بنص الحديث ، حيثُ فسرها النبي r بالفاتحة ، وهي القراءة الواجبة في الصلاة.
د – يلزم من إرادة قسمة الذكر إضمار لفظ " الذكر " في الحديث أي " قسمت ذكر الصلاة " والمجاز أولى من الإضمار ، كما تقرر في علم الأصول([68]).
الشبهة والرد عليها:
قال بعض الشافعية إن إثبات " بسم الله الرحمن الرحيم " أولى من وجهين:
أ- ليكون الكلام في السابعة تاماً مستقلاً.
ب- أن لا يكون الابتداء في السابعة بقوله } غير المغضوب عليهم { لأنه لفظ استثناء ، وليس في القرآن آية مبتدأة به ([69]).
وأجيبَ عن الأول: بأن الكلام تام ومستقل ، و إلا فلو قلنا: "يا رب اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم" كان دعاء تاماً كاملاً، ثم يلزم " اهدنا الصراط المستقيم " هو غير تام على قولكم، لأنه يتعلق بما بعده، وهو " صراط الذين " وجعلته آخر آية ، وجعلت " صراط الذين " أول آية وهو متعلق بما قبله ([70]).
وعن الثاني: بأن هذا جائز، قد عده أهل المدينة وأهل الشام ،ومثله في عدة مواضع، قال تعالى } ويخلد فيه مهانا { [الفرقان:69] ثم ابتدأ } إلا من تاب وآمن { [الفرقان:70] وقال } فبشرهم بعذاب أليم { ثم قال} إلا الذين آمنوا{ [ الانشقاق:24-25] وقال }ثم رددناه أسفل سافلين { ثم قال }إلا الذين آمنوا{ [التين:5-6] وفي سورة العصر ثلاث آيات والآية الأخيرة } إلا الذين آمنوا{ [ العصر:3]وهو استثناء، وهذا لأن الاستثناء المقطوع بمنزلة الكلام المبتدأ، وهو مقطوع، لأن " المغضوب عليهم" ليس من جنس الذين أنعم الله عليهم، والاستثناء من غير الجنس لا يكون صفة ، فيكون مقطوعاً([71]).
ثم اعترض على هذا الحديث باعتراضين ([72]):
الأول: قال الرازي: "ولا يغتر بكونه في صحيح مسلم ، فإن من رواته العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، وقد ضعفه يحيى بن معين"([73]).
الثاني: أنه جاء ذكر البسملة([74]) في بعض الروايات، فقال " فإذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله ذكرني عبدي " ([75])، وهذه الرواية وإن كان فيها ضعف، لكنها مفسرة لحديث مسلم أنه أراد السورة لا الآية 0
وأُجيبَ عن الأول: بأن العلاء بن عبد الرحمن ثقة، روى عنه جماعة ، منهم الأئمة ، ولم يثبت فيه لأحد حجة، وهو حجة فيما نقل- والله أعلم - ، وحديثه في هذا الباب يقضي بأن " بسم الله الرحمن الرحيم" ليست آية من فاتحة الكتاب، وهو نص في موضع الخلاف لا يحتمل التأويل([76]).
قال الزيلعي ردّاً على هذه الشبهة: " وهذا القائل حمله الجهل وفرط التعصب على أنْ ترك الحديث الصحيح، وضعَّفه لكونه غير موافق لمذهبه، وقال: لا يعبأ بكونه في صحيح مسلم، مع أنه قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الأثبات، كمالك وسفيان بن عيينة ، وابن جريج وشعبة وعبد العزيز الدراوردي وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير وغيرهم، والعلاء نفسه ثقة صدوق" ([77]).
وعن الثاني: بأنه لم يرو هذا غير عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن ، وهو متروك الحديث عند أصحاب الحديث، وجميع الثقات رووا عن العلاء بن عبد الرحمن من غير ذكر البسملة([78]).
قال الزيلعي: وهذه الرواية انفرد بها عنه ابن سمعان، وهو كذاب، ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولا في المصنفات المشهورة، ولا المسانيد المعروفة، وإنما رواه الدارقطني في سننه التي يروي فيها غرائب الحديث ([79]).
وقال الدارقطني بعد أن أورد الحديث: ابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان ، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات عن العلاء بن عبد الرحمن، منهم مالك بن أنس وابن جريج وروح بن القاسم وابن عيينة وابن عجلان والحسن بن الحر وأبو أويس وغيرهم على اختلاف منهم في الإسناد، واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه " بسم الله الرحمن الرحيم " واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب ([80]).
ثانياً: الدليل على أنها ليست من كل سورة:
1- حديث أبي هريرة عن النبي r أنه قال:" سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك " ([81]).
وجه الدلالة من الحديث: أنها ثلاثون آية سوى بسم الله الرحمن الرحيم ، ولو كانت التسمية منها لبدأ بها وكانت إحدى وثلاثين آية([82]).
2- و أجمع الناس على أن سورة الـكوثـر ثلاث آيات بـدون بسم الله الرحمن الرحيم ، ولـو كانت منها لكانت أربعاً ([83]).
أجاب الشافعية عن ذلك من وجهين :
أ- قال الماوردي: " إنهم أشاروا إلى ما سوى بسم الله الرحمن الرحيم " ([84])، وقال النووي:" وأما الجواب عن حديث شفاعة تبارك ، فالمراد ما سوى البسملة، لا أنها غير مختصة بهذه السورة" ([85]).
ب- قالوا : بأنه يجوز أن يكونوا جعلوها مع الآية الأولى واحدة([86]).
وأجيبَ عن الأول: بأنه لا يجوز ترك ذلك لأجل المشاركة ، كما لا يترك " الـم([87]) " و"حـم([88]) " و" الـر([89])" لأجل المشاركة، ولأنه لو قصد تعريفها لقال:" سورة تبارك الملك " ، فلما قرأ الآية على نظمها دلّ على أنه قصد قراءة أولها.
وعن الثاني: أن هذا قول يخالف جميع أهل العدد، فإنهم أجمعوا على أنها ليست آية من كل سورة، فمُثْبِتُها مخالف الإجماع قبله ([90]).
الـــراجـــح: بعد هذا العرض والبيان ، ومناقشة الأدلة، يتبين أن القول الراجح في المسألة هو القول الأول، وهو أن البسملة من القرآن حيثُ كُتِبتْ، آية مستقلة من كتاب الله من أول كل سورة وليست من السورة، وذلك لما يأتي:
1- لقوة أدلة القائلين بهذا القول.
2- ولأن هذا القول هو أعدل الأقوال ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله([91]).
3- ولأن الأدلة تشهد لهذا القول ، وتجتمع على ذلك، فإن كتابتها في المصحف وإثباتها فيه دليل على أنها من القرآن، وكتابتها مفردة مفصولة عما قبلها وبعدها، تدل على أنها ليست من السورة، بدليل حديث أبي هريرة السابق عن النبي r أنه قال " سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك"([92]).
وهذا لا ينافي ذلك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس قال، بينا رسول الله r ذات يوم بين أظهرنا إذْ أغفي إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله ، قال: " أنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم } إنا أعطيناك الكوثر* فصلِّ لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر{([93])، فلم يذكر أنها من السورة ، بل فيه أنها تقرأ في أول السورة، وهذه سنة ، فإنها تقرأ في أول كل سورة، وإن لم تكن من السورة.
ومثله حديث ابن عباس " كان رسول الله r لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم "([94])، ففيه أنها نزلت للفصل ، وليس فيه أنها آية منها. وكذا سورة "تبارك الذي بيده الملك" ثلاثون آية بدون البسملة.
د- ولأن العادّين لآيات القرآن لم يعد أحد منهم البسملة من السورة([95]). والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
الحواشي
[1] -انظر: المجموع للنووي 3/281، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/438، تفسير ابن كثير 1/32، نيل الأوطار2/233.
[2] -حكاه عنه شيخ الإسلام في مجموع فتاواه22/438، قال ابن المنذر في الأوسط 3/125: " قال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم من القراءة، فقد ترك مائة آية وثلاث عشرة آية " وقد ذكر هذا القول أيضاً ابن عبد البر في التمهيد 20/207، وعزا إليه ابن قدامة في المغني2/151 القول بأنها من الفاتحة، وابن عبد البر في الإنصاف ص(163) وابن كثير في تفسيره 1/33، والشوكاني في النيل2/233، حكى كل واحد منهم عنه القول بأنها من كل سورة، لكن ليس في قوله المذكور دليل صريح على كونها من الفاتحة أو من كل سورة، بل يدل على أنها آية حيثُ كُتِبتْ، وهذا اختيار شيخ الإسلام-كما سبق- واختاره الزيلعي في نصب الراية 1/327، وهو الصحيح .
[3] -انظر: المغني 2/151،الشرح الكبير3/436،الإنصاف 3/431، الانتصار2/224-225، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 13/418، شرح منتهى الإرادات1/178،الروض المربع ص(89) بلغة الساغب ص(72) التنقيح المشبع ص (67).
[4] - انظر: أحكام القرآن للرازي1/8،المبسوط1/16، تحفة الفقهاء 1/221-222بدائع الصنائع1/203، رد المحتار1/491
[5] - حكاه عنه الرازي في أحكام البسملة ص (22) وابن عبد البر في الإنصاف ص (157) والتمهيد 20/207،والاستذكار2/176، والزيلعي في نصب الراية 1/327، وانظر: الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي ص (516).
[6] - انظر: الأم 1/11، أحكام البسملة للرازي ص (20) نهاية المحتاج 1/458،مختصر خلافيات البيهقي2/14،الغاية القصوى1/296-297،زاد المحتاج1/272،الحاوي البير2/105، التعليقة2/742، المهذب1/242،الوسيط2/114،شرح منهاج الطالبين1/148،حاشية القليوبي1/148.
[7] - حكاه عنهم: ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33،والشوكاني في النيل2/233
[8] -حكاه الرازي عنه في أحكام البسملة ص (39) ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33،والشوكاني في النيل2/233
[9] -انظر: المغني 2/151، اختاره أبو عبد الله بن بطة وأبو حفص العكبري، الشرح الكبير3/436،الإنصاف 3/431
[10] - انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج 1/305،الأوسط 3/123، الإنصاف ص (163)، المغني 2/151.
[11] - انظر: الأوسط 3/123، الإنصاف ص (163)، المغني 2/151
[12] - حكاه عنه ابن البر في التمهيد 2/207، والاستذكار2/176، وحكى عنه موافقته للشافعي في كونها من الفاتحة ومن كل سورة ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33، والشوكاني في النيل2/233، لكن القول المحكي عنه " هي آية من أم القرآن _ كما في التمهيد والاستذكار- يقتضي أنه يذهب إلى أنها من الفاتحة فقط.
[13] - حكاه عنهم ابن عبد البر في الإنصاف ص (163)
[14] - المرجع السابق نفسه
[15] - المرجع السابق نفسه
[16] -انظر: الإنصاف ص (153)، التمهيد 20/206، الاستذكار2/175، شرح منح الجليل1/160،الإشراف 1/75، عقد الجواهر الثمينة1/133،حاشية العدوي1/5،حاشية الدسوقي1/199،جواهر الإكليل1/53، الجامع لأحكام القرآن1/66.
[17] - انظر: نصب الراية 1/327، المبسوط1/15، البحر الرائق1/330
[18] - حكاه عنهما: ابن المنذر في الأوسط 3/121، وابن قدامة في المغني 2/152
[19] - حكاه عنه ابن عبد البر في الإنصاف ص (153) والتمهيد 20/207
[20] - قاله شيخ الإسلام في مجموع فتاواه 22/438، وانظر: المبدع 1/435
[21] - انظر: الذخيرة للقرافي 2/180
[22] - انظر: الإشراف 1/75-76
[23] - انظر: الذخيرة 2/180-181
[24] - انظر: المجموع للنووي 3/282 بتصرف يسير
[25] - انظر: التمهيد 20/202، الاستذكار2/174
[26] - روي مثله عن قتادة انظر: جامع البيان 4/182
[27] - أورد هما الطبري في تفسيره 7/494
[28] -قاله مجاهد، انظر : جامع البيان 7/494
[29] -قاله قتادة، انظر: جامع البيان 7/494
[30] -انظر: جامع البيان 7/494، وهذا الجواب نقله ابن عبد البر عن أصحاب الشافعي في الاستذكار 2/182ونقلته أنا بتصرف يسير.
[31] - انظر: المجموع 3/282
[32] -انظر: مختصر خلافيات البيهقي 2/41 رقم المسألة(77)
[33] -انظر: الإشراف 1/76
[34] - المرجع السابق نفسه
[35] - انظر: الانتصار في المسائل الكبار 2/238
[36] -انظر: المجموع 3/282-283
[37] - رواه أبوداود 2/353مع شرحه العون ، والحاكم في المستدرك1/231وصححه ووافقه الذهبي.
[38] - رواه أبوداود معلقاً عن الشعبي وأبي مالك وقتادة وثابت بن عمارة 2/352مع شرحه العون
[39] -انظر: الانتصار 2/236-237
[40] - رواه أبوداود برقم (4001) والدارقطني 1/310، والطحاوي 1/199 وأعله بالانقطاع 1/201، ورده الحافظ في التلخيص 1/247-248 فقال: " وهذا الذي أعله به، ليس بعلة، فقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن أم سلمة بلا واسطة، وصححه ورجحه على الإسناد الذي فيه يعلى بن يملك"، وصححه الألباني في الإرواء برقم (343).
[41] -انظر: الانتصار 2/228، معونة أولي النهى 1/699
[42] - انظر:معونة أولي النهى 1/699
[43] -رواه الدارقطني 1/310
[44] - انظر: التحقيق في أحاديث الخلاف 1/347
[45] - انظر: السنن للدارقطني 1/310
[46] - رواه الدارقطني 1/308
[47] - انظر: التحقيق 1/348
[48] - تقدم تخريجه
[49] -انظر: الأوسط 3/122-123
[50] -رواه مسلم برقم (876) وانفرد به ، ورواه مالك في الموطأ 1/84-85، ورواه أيضاً أهل السنن.
[51] - الإنصاف ص (183-184)
[52] -الانتصار2/230
[53] - المجموع3/285
[54] - الانتصار2/230
[55] - انظر: المجموع 3/285
[56] - نيل الأوطار 2/241
[57] - الانتصار 2/231
[58] - انظر: المجموع3/285-286
[59] -قاله البغوي في شرح السنة 3/47
[60] - الانتصار 2/231
[61] -المجموع 3/286
[62] -الذخيرة 2/176
[63] - الانتصار 2/231
[64] - أحكام البسملة ص (32)
[65] -رواه مسلم برقم (534)
[66] -الذخيرة 2/176
[67] -شرح السنة للبغوي 3/47
[68] - انظر: الذخيرة 2/177
[69] - قاله الماوردي في الحاوي 2/108
[70] -الانتصار 2/238
[71] -انظر: الانتصار2/232
[72] - ذكرهما الزيلعي في نصب الراية 1/339 عن بعض المتأخرين.
[73] - أحكام البسملة ص (33)
[74] -قد ضعفه النووي في المجموع 3/285
[75] -رواه الدارقطني في السنن 1/309
[76] - التمهيد 20/215
[77] - نصب الراية 1/340
[78] - الانتصار 2/230
[79] - نصب الراية 1/340
[80] - السنن للدارقطني 1/310
[81] - رواه أبوداود برقم (1400) وأحمد في المسند 2/299و321، والحاكم في المستدرك 1/565، 2/498، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
[82] -انظر: الانتصار 2/233، المغني 2/153
[83] - المغني 2/153
[84] - الحاوي الكبير 2/108
[85] - المجموع 3/286
[86] -الحاوي 2/108
[87] - في فواتح سورة القرة ، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان ، والسجدة.
[88] -في فواتح سورة غافر، وفُصِّلت، والشورى، والزخرف، والدخان،والجاثية، والأحقاف.
[89] -في فواتح سورة يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحِجْر.
[90] -الانتصار 2/234
[91] -انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/439
[92] -تقدم تخريجه
[93] - رواه مسلم برقم (892)و(5952).
[94] - تقدم تخريجه.
[95] - انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/439
[1] -انظر: المجموع للنووي 3/281، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/438، تفسير ابن كثير 1/32، نيل الأوطار2/233.
[2] -حكاه عنه شيخ الإسلام في مجموع فتاواه22/438، قال ابن المنذر في الأوسط 3/125: " قال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم من القراءة، فقد ترك مائة آية وثلاث عشرة آية " وقد ذكر هذا القول أيضاً ابن عبد البر في التمهيد 20/207، وعزا إليه ابن قدامة في المغني2/151 القول بأنها من الفاتحة، وابن عبد البر في الإنصاف ص(163) وابن كثير في تفسيره 1/33، والشوكاني في النيل2/233، حكى كل واحد منهم عنه القول بأنها من كل سورة، لكن ليس في قوله المذكور دليل صريح على كونها من الفاتحة أو من كل سورة، بل يدل على أنها آية حيثُ كُتِبتْ، وهذا اختيار شيخ الإسلام-كما سبق- واختاره الزيلعي في نصب الراية 1/327، وهو الصحيح .
[3] -انظر: المغني 2/151،الشرح الكبير3/436،الإنصاف 3/431، الانتصار2/224-225، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 13/418، شرح منتهى الإرادات1/178،الروض المربع ص(89) بلغة الساغب ص(72) التنقيح المشبع ص (67).
[4] - انظر: أحكام القرآن للرازي1/8،المبسوط1/16، تحفة الفقهاء 1/221-222بدائع الصنائع1/203، رد المحتار1/491
[5] - حكاه عنه الرازي في أحكام البسملة ص (22) وابن عبد البر في الإنصاف ص (157) والتمهيد 20/207،والاستذكار2/176، والزيلعي في نصب الراية 1/327، وانظر: الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي ص (516).
[6] - انظر: الأم 1/11، أحكام البسملة للرازي ص (20) نهاية المحتاج 1/458،مختصر خلافيات البيهقي2/14،الغاية القصوى1/296-297،زاد المحتاج1/272،الحاوي البير2/105، التعليقة2/742، المهذب1/242،الوسيط2/114،شرح منهاج الطالبين1/148،حاشية القليوبي1/148.
[7] - حكاه عنهم: ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33،والشوكاني في النيل2/233
[8] -حكاه الرازي عنه في أحكام البسملة ص (39) ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33،والشوكاني في النيل2/233
[9] -انظر: المغني 2/151، اختاره أبو عبد الله بن بطة وأبو حفص العكبري، الشرح الكبير3/436،الإنصاف 3/431
[10] - انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج 1/305،الأوسط 3/123، الإنصاف ص (163)، المغني 2/151.
[11] - انظر: الأوسط 3/123، الإنصاف ص (163)، المغني 2/151
[12] - حكاه عنه ابن البر في التمهيد 2/207، والاستذكار2/176، وحكى عنه موافقته للشافعي في كونها من الفاتحة ومن كل سورة ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33، والشوكاني في النيل2/233، لكن القول المحكي عنه " هي آية من أم القرآن _ كما في التمهيد والاستذكار- يقتضي أنه يذهب إلى أنها من الفاتحة فقط.
[13] - حكاه عنهم ابن عبد البر في الإنصاف ص (163)
[14] - المرجع السابق نفسه
[15] - المرجع السابق نفسه
[16] -انظر: الإنصاف ص (153)، التمهيد 20/206، الاستذكار2/175، شرح منح الجليل1/160،الإشراف 1/75، عقد الجواهر الثمينة1/133،حاشية العدوي1/5،حاشية الدسوقي1/199،جواهر الإكليل1/53، الجامع لأحكام القرآن1/66.
[17] - انظر: نصب الراية 1/327، المبسوط1/15، البحر الرائق1/330
[18] - حكاه عنهما: ابن المنذر في الأوسط 3/121، وابن قدامة في المغني 2/152
[19] - حكاه عنه ابن عبد البر في الإنصاف ص (153) والتمهيد 20/207
[20] - قاله شيخ الإسلام في مجموع فتاواه 22/438، وانظر: المبدع 1/435
[21] - انظر: الذخيرة للقرافي 2/180
[22] - انظر: الإشراف 1/75-76
[23] - انظر: الذخيرة 2/180-181
[24] - انظر: المجموع للنووي 3/282 بتصرف يسير
[25] - انظر: التمهيد 20/202، الاستذكار2/174
[26] - روي مثله عن قتادة انظر: جامع البيان 4/182
[27] - أورد هما الطبري في تفسيره 7/494
[28] -قاله مجاهد، انظر : جامع البيان 7/494
[29] -قاله قتادة، انظر: جامع البيان 7/494
[30] -انظر: جامع البيان 7/494، وهذا الجواب نقله ابن عبد البر عن أصحاب الشافعي في الاستذكار 2/182ونقلته أنا بتصرف يسير.
[31] - انظر: المجموع 3/282
[32] -انظر: مختصر خلافيات البيهقي 2/41 رقم المسألة(77)
[33] -انظر: الإشراف 1/76
[34] - المرجع السابق نفسه
[35] - انظر: الانتصار في المسائل الكبار 2/238
[36] -انظر: المجموع 3/282-283
[37] - رواه أبوداود 2/353مع شرحه العون ، والحاكم في المستدرك1/231وصححه ووافقه الذهبي.
[38] - رواه أبوداود معلقاً عن الشعبي وأبي مالك وقتادة وثابت بن عمارة 2/352مع شرحه العون
[39] -انظر: الانتصار 2/236-237
[40] - رواه أبوداود برقم (4001) والدارقطني 1/310، والطحاوي 1/199 وأعله بالانقطاع 1/201، ورده الحافظ في التلخيص 1/247-248 فقال: " وهذا الذي أعله به، ليس بعلة، فقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن أم سلمة بلا واسطة، وصححه ورجحه على الإسناد الذي فيه يعلى بن يملك"، وصححه الألباني في الإرواء برقم (343).
[41] -انظر: الانتصار 2/228، معونة أولي النهى 1/699
[42] - انظر:معونة أولي النهى 1/699
[43] -رواه الدارقطني 1/310
[44] - انظر: التحقيق في أحاديث الخلاف 1/347
[45] - انظر: السنن للدارقطني 1/310
[46] - رواه الدارقطني 1/308
[47] - انظر: التحقيق 1/348
[48] - تقدم تخريجه
[49] -انظر: الأوسط 3/122-123
[50] -رواه مسلم برقم (876) وانفرد به ، ورواه مالك في الموطأ 1/84-85، ورواه أيضاً أهل السنن.
[51] - الإنصاف ص (183-184)
[52] -الانتصار2/230
[53] - المجموع3/285
[54] - الانتصار2/230
[55] - انظر: المجموع 3/285
[56] - نيل الأوطار 2/241
[57] - الانتصار 2/231
[58] - انظر: المجموع3/285-286
[59] -قاله البغوي في شرح السنة 3/47
[60] - الانتصار 2/231
[61] -المجموع 3/286
[62] -الذخيرة 2/176
[63] - الانتصار 2/231
[64] - أحكام البسملة ص (32)
[65] -رواه مسلم برقم (534)
[66] -الذخيرة 2/176
[67] -شرح السنة للبغوي 3/47
[68] - انظر: الذخيرة 2/177
[69] - قاله الماوردي في الحاوي 2/108
[70] -الانتصار 2/238
[71] -انظر: الانتصار2/232
[72] - ذكرهما الزيلعي في نصب الراية 1/339 عن بعض المتأخرين.
[73] - أحكام البسملة ص (33)
[74] -قد ضعفه النووي في المجموع 3/285
[75] -رواه الدارقطني في السنن 1/309
[76] - التمهيد 20/215
[77] - نصب الراية 1/340
[78] - الانتصار 2/230
[79] - نصب الراية 1/340
[80] - السنن للدارقطني 1/310
[81] - رواه أبوداود برقم (1400) وأحمد في المسند 2/299و321، والحاكم في المستدرك 1/565، 2/498، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
[82] -انظر: الانتصار 2/233، المغني 2/153
[83] - المغني 2/153
[84] - الحاوي الكبير 2/108
[85] - المجموع 3/286
[86] -الحاوي 2/108
[87] - في فواتح سورة القرة ، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان ، والسجدة.
[88] -في فواتح سورة غافر، وفُصِّلت، والشورى، والزخرف، والدخان،والجاثية، والأحقاف.
[89] -في فواتح سورة يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحِجْر.
[90] -الانتصار 2/234
[91] -انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/439
[92] -تقدم تخريجه
[93] - رواه مسلم برقم (892)و(5952).
[94] - تقدم تخريجه.
[95] - انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/439