الثلاثاء، 28 أبريل 2009

من أحكام البسملة

*قرآنية البسملة* [الحلقة الرابعة]
هل البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة؟
{ معراج عالم محمد إنفاق التيمي }
لا خلاف بين علماء المسلمين وفقهاءهم في أن البسملة من القرآن، في قوله تعالى } إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم { [النمل:30]([1]).
وشجر الخلاف بين الفقهاء في كونها في أوائل السور حيثُ كتبت، على ثلاثة أقوال:
الأول: إنها من القرآن حيثُ كُتِبَتْ، آية من كتاب الله من أول كل سورة، وليست من السورة، لا من الفاتحة ، ولا من غيرها من السور.وهذا مذهب عبد الله بن المبارك([2]) وأحمد بن حنبل([3]) – وهي المنصورة عند أصحابه- والصحيح من المذهب عند الحنفية([4]) وداود الظاهري([5]).
الثاني: إنها من كل سورة سوى سورة البراءة، إما آية كاملة أو بعض آية على خلاف إلا أنه لم يختلف القول في أنها آية كاملة من الفاتحة. وهذا مذهب الشافعي([6])، وبه قال ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وطاووس([7])، ومكحول([8])، ووافق الشافعي في كونها من الفاتحة أحمد في رواية([9])، وإسحاق([10])
وأبو عبيد([11]) وعطاء([12]) وجماعة أهل الكوفة([13]) وأهل مكة([14]) وكثير من أهل العراق([15]).
الثالث: إنها ليست من القرآن لا من الفاتحة ولا من غيرها من السور إلا في سورة النمل في قوله تعالى } إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم { [ النمل:30] ولم ينزلها الله في كتابه في غير هذا الموضع من سورة النمل. وهذا مذهب الإمام مالك[16] وطائفة من الحنفية([17]) ، ووافقه الأوزاعي وعبد الله بن معبد الزماني([18])، وأبو جعفر الطبري([19])، ويحكى هذا رواية عن أحمد ولا يصح عنه، وإن كان قولاً في مذهبه([20]).
الأدلة والمناقشة:
استدل الإمام مالك ومن وافقه على نفيها من القرآن إلا في سورة النمل بما يأتي:
1- إن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والبسملة ليست متواترة فلا تكون قرآنا ([21])، أو بإجماع الأمة ، ولا يثبت بنقل آحاد و لا بقياس، ولا ما يؤدي إلى غلبة الظن ، وليس ههنا إجماع ولا نقل تقوم الحجة به ([22]).
وقد نوقش هذا الدليل بأنه باطل، لأن قولهم القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، إن أخذوه كلية اندرجت فيها صورة النزاع ، فالخصم يمنع الكلية لاشتمالها على صورة النزاع ، أو جزئية لم تفد شيئاً، إذ لعل صورة النزاع فيما بقي غير الجزئية، ومما يوضح لك فساده أن من زاد في القرآن ما ليس منه فهو كافر إجماعاً، وكذلك من نقص منه ما هو منه، فكان يلزم تكفيرنا أو تكفير خصمنا ، وهو خلاف الإجماع. فدل على أن القرآن ليس ملزوماً للتواتر، بل عند الخصم القرآن يثبت بالتواتر وبغير التواتر، فمصادرته على ذلك لا تجوز، لأنه يقول إن البسملة ليست متواترة، وهي قرآن ونحن أيضاً نقول هي غير متواترة، ولا يكفر مثبتها من القرآن ، فدل ذلك على أننا غير جازمين بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر([23]).
أما قولهم" و ليس هاهنا إجماع تقوم به الحجة" فغير مسلم، لأن الصحابة أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعاً في أوائل السور سوى سورة براءة بخط المصحف، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن، فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة y ([24]).
2- واستدلوا أيضاً بقوله تعالى } ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً { [النساء:82] والاختلاف موجود في " بسم الله الرحمن الرحيم " ، فعلمنا أنها ليست من كتاب الله تعالى، لأنه تعالى قد نفى الاختلاف عن كتابه بما تلونا، وبقوله تعالى } إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون { [الحجر:9]([25]).
وقد أجيبَ بأن المعنى في الآية الأولى ما عليه العمل في تأويلها بأنه حق كله، لا يوجد فيه باطل وحق، وما عداه من كلام الناس فيه الحق والباطل([26])، والدليل على صحة ذلك وجود الاختلاف فيه عند الجميع في القراءات، وفي الأحكام، وفي الناسخ والمنسوخ ، وفي التفسير وفي الإعراب والمعاني، وهذا لا مدفع فيه.
وأما قوله تعالى } وإنا له لحافظون { ففيه قولان ([27]) لا ثالث لهما:
أحدهما :إنا لحافظون عندنا([28]). والثاني: وإنا له لحافظون من أن يزيد فيه إبليس أو غيره أو ينقص([29])، وقيل: الهاء في قوله تعالى }وإنا له لحافظون{ كناية عن النبي r أي لحافظون له من كل من أراد بسوء من أعدائه([30])
أما أدلتهم في نفيها من الفاتحة ومن كل سورة ومن كل سورة، فهي نفس الأدلة التي احتج بها الحنابلة لمذهبهم،وسنذكرها معاً تجنباً من التكرار وتحاشياً منه.
أما الشافعية ومن وافقهم القائلون بأن البسملة من الفاتحة ومن كل سورة، استدلوا بأدلة نؤ جزها فيما يلي:
1- إن الصحابة y أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعاً في أوائل السور سوى سورة براءة بخط المصحف، بخلاف الأعشار وتراجم السور، فإن العادة كتابتها بحمرة ونحوها، فلو لم تكن قرآناً ، لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن، فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة y ([31]) ،وكذلك الناقلون عنه لم يختلفوا فيما اتفقوا عليه، ووجدناه مكتوباً في تلك المصاحف كسائر القرآن([32]).
وأجيبَ بأن الناقلين للمصحف لم يجمعوا على أنها من كل سورة ، بل أكثرهم يقول إنها ليست منها ، وإنما جُعِلت فصلاً بين السورتين([33]).
الاعتراض والجواب عليه: فإن قيل حدوث الاختلاف لا ينفي الإجماع، قلنا: ووجود الاختلاف يمنع ادعاء الإجماع([34]).
قال الكلوذاني: أما في المصاحف القديمة فإنها كتبت بغير القلم الذي كتب به آي السور كذا نقل، وعلى أنهم أثبتوا للفصل بين كل سورتين، ولهذا كتبوها سطراً مفرداً ولم يخلطوا بها غيرها، فدلّ على أنها آية مفردة ، ألا ترى أن جميع آي السور لا يفرد بعضها عن بعض بسطر مفرد؟ ولأنهم كتبوها في أوائل السور للتبرك، وهذا لا يدل على أنها منها، كما كتبوها في أوائل الكتب والرقاع للتبرك، لا أنها منها([35]).
وتخلص القائلون بإثباتها من كل سورة عن هذا الجواب بوجوه:
الأول: أن هذا فيه تغرير، لا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل.
الثاني: أنه لو كان للفصل لكُتبَتْ بين براءة والأنفال، ولما حسنَ كتابتها في أول الفاتحة.
الثالث: إن الفصل كان ممكناً بتراجم السور، كما حصل بين براءة والأنفال.
الرابع: أنه لو كانت للتبرك لاكتفى بها في أول المصحف أو لكتبت في أول براءة، ولما كتبت في أوائل السور التي فيها ذكر الله كالفاتحة ونحوها، فلم يكن حاجة إلى البسملة([36]).
ورده الكلوذاني بقوله: " ويدل على أنها للتبرك والفصل، ما روي عن ابن عباس أنه قال " كان النبي r لا يعلم فصل السورتين حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم " ([37])، وروي عن الشعبي " أن النبي r لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت سورة النمل" ([38])، ولو كانت من الحمد ومن كل سورة نزلت قبل النمل لكان يكتبها" ([39]).
2- حديث أم سلمة رضي الله عنها " أن رسول الله r قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم ، فعدها آية ، الحمد لله رب العالمين ، آيتين ..."([40]).
وأجيبَ من وجهين :
أ‌- ليس فيه أن النبي r قال إنها آية منها، وإنما قالت : إنه عدها آية ظناً منها([41]).
ب‌- أو هي تقول أنها آية مفردة للفصل بين السور([42]).
3- حديث أبي هريرة عن النبي r أنه قال: إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا " بسم الله الرحمن الرحيم " إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و " بسم الله الرحمن الرحيم " إحدى آياتها" ([43]).
وأجيبَ بأنه يرويه أبو بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال ، وكان يحيى بن أبي سعيد والثوري يضعفان عبد الحميد" ([44]). وقال أبو بكر الحنفي: ثم لقيت نوحاً فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه([45]).
4- حديث بريدة قال، قال رسول الله r " لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو قال بسورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري، قال فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد، فأخرج رجله من أسكفة المسجد ، وبقيت الأخرى في المسجد، فقلت بيني وبين نفسي أ نسي ؟ قال: فأقبل عليّ بوجهه وقال: " بأي شيء تفتح القراءة إذا افتتحت الصلاة؟ قال، قلت:بـ " بسم الله الرحمن الرحيم" قال: هي، هي ثم خرج" ([46])
وأجيبَ بأن إسناد الحديث ضعيف جداً، فإنه من رواية سلمة بن صالح الأحمر عن يزيد بن أبي خالد عن عبد الكريم أبي أمية. فأما سلمة وعبد الكريم ، فقال أحمد ويحيى ليسا بشيء، وقال النسائي: يزيد متروك الحديث([47]).
5- حديث ابن عباس " كان النبي r لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم "([48]).

وقد نازع ابن المنذر في صحة الاستدلال بهذا الأثر، فقال: " ليس في قوله " كنا لا نعرف انتهاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم " دليل على أنها من كل سورة، لأنها إنما جعلت علماً بين السورة والتي بعدها، لا أنها آية من إحدى السورتين، كما كتبت في أول كل كتاب "([49]).
أما الذين قالوا بأن البسملة آية مفردة حيثُ كتبت في المصحف، أنزٍلَتْ للفصل وليست من الفاتحة ولا من كل سورة، احتجوا بأحاديث نورد أصحها دلالة على المقصود والمطلوب فيما يلي:
أولاً : الدليل على أنها ليست من الفاتحة، ما روى أبو هريرة قال سمعت رسول الله r يقول: قال الله تعالى " قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى حمدني عبدي...الحديث"([50]). قال ابن عبد البر: " وهو أصح حديث روي في سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول الفاتحة، وأبينه وأبعده من احتمال التأويل"اهـ([51]).
وجه الدلالة من وجهين :
أ‌- أنه بدأ بالحمد ولم يبدأ بالبسملة ، فلو كانت منها لبدأ بها([52]).
وأجيبَ بأن البسملة إنما لا تذكر لاندراجها في الآيتين بعدها([53]).
وقد رُدّ هذا الجواب بأنه لو صح هذا لاختصر بترك الثاني منهما ، وبدأ بالأول ، وأول السورة ، ولأن " بسم الله الرحمن الرحيم " أتم من الرحمن الرحيم فكان يذكره في الثناء أولى ([54]).
وقد أجاب الإمام النووي عن هذا الحديث بعدة أجوبة ([55])، قال الشوكاني بعد أن سرد بعضاً منها " و لا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ، ومنها ما هو متعسف"([56]).
ب – أنه قسمها بينه وبين عبده نصفين ، نصفها ثناء عليه، ونصفها دعاء للعبد، ولو كانت البسملة منها كانت آيات الثناء أربعاً ونصفاً، وآيات الدعاء آيتين ونصفاً([57]).
وأجيبَ عن هذا الاستدلال من عدة أوجه:
أحدها: منع إرادة حقيقة التنصيف، بل هو من باب قول الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفين شامت ** وآخر مثن بالذي كنت أصنع
فيكون المراد أن الفاتحة قسمان : أولها لله تعالى و آخرها للعبد.
والثاني: أن المراد بالتنصيف قسمان: الثناء والدعاء من غير اعتبار لعدد الآيات.
والثالث: أن الفاتحة إذا قسمت باعتبار الحروف والكلمات ، والبسملة منها كان التنصيف في شطريها أقرب مما إذا قسمت بخلاف البسملة، فلعل المراد تقسيمها باعتبار الحروف ([58])، وقيل: حقيقة هذه القسمة منصرفة إلى المعنى لا إلى متلو اللفظ([59]).
ورد الكلوذاني هذه الأجوبة: بأنه إنما ذكر الآي، فقال: فإذا قال العبد "الحمد لله رب العالمين " قال حمدني عبدي ، وإذا قال " الرحمن الرحيم " قال أثنى عليّ عبدي، وإذا قال" مالك يوم الدين " قال مجدني عبدي ، ثم قال في الآية الرابعة " هذه بيني وبين عبدي " يرجع القسمة إلى ما ذكر ، دون ما لم يجر له ذكر وهي الحروف ، وعلى أن حروف الدعاء أكثر من حروف الثناء مع البسملة، لأن الدعاء نيف وسبعون، وحروف الثناء ثمانية وستون ، فسقط التأويل([60]).
ثم قال النووي:إن توجه التنصف إلى آيات الفاتحة ممنوع من أصله، وإنما التنصف متوجه إلى الصلاة بنص الحديث([61]).
وأجيبَ بأن لفظ " الصلاة " استعمل مجازاً في القراءة الواجبة – الفاتحة-، لأن القسمة ليست في أفعال الصلاة، ولا في غيرها من الأذكار، فتعين أن يكون مجازاً في الفاتحة ([62])، ولهذا فسر بها ، وهذا شائع في اللغة، والشرع يعبر ببعض الشيء عنه، تقول رأيت فلاناً وأنت رأيت وجهه من روزنه، وقال تعالى } ولا تجهر بصلاتك { [ الإسراء:110]أراد القراءة، وتسمى الركعة الواحدة صلاة، و السجدة صلاة، لأنها من أركانها ، فيعبر بها عنها([63]).
ورده أصحاب الشافعي بأنه ليس المراد من الصلاة القراءة الواجبة، بل المراد قسمة ذكر الصلاة أي الذكر المشروع فيها، وهو ثناء ودعاء، فالثناء منصرف إلى الله تعالى، سواء ما وقع منه في القراءة، وما وقع منه في الركوع والسجود وغيرهما، والدعاء منصرف إلى العبد سواء ما وقع منه في القراءة والركوع والسجود وغيرهما([64]).
والجواب على ذلك من وجوه:
أ‌- إن كل من أطلق لفظه حمل على عرفه، ولذلك حملنا قوله r " لا يقبل الله صلاة بغير طهور"([65]) على الصلاة الشرعية ([66]).
ب‌- إن لفظ " الصلاة " و " القرآن " كل واحد منهما يستعمل مجازاً بمعنى الآخر، قال تعالى }ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها{ [الإسراء:110] قيل معناها: القراءة.وقال تعالى} وقرآن الفجر{ [الإسراء:78]أي صلاة الصبح، فسمّى الصلاة مرة قرآناً ، والقرآن مرة صلاة ([67]).
ج - منع إرادة قسمة الذكر بنص الحديث ، حيثُ فسرها النبي r بالفاتحة ، وهي القراءة الواجبة في الصلاة.
د – يلزم من إرادة قسمة الذكر إضمار لفظ " الذكر " في الحديث أي " قسمت ذكر الصلاة " والمجاز أولى من الإضمار ، كما تقرر في علم الأصول([68]).
الشبهة والرد عليها:
قال بعض الشافعية إن إثبات " بسم الله الرحمن الرحيم " أولى من وجهين:
أ‌- ليكون الكلام في السابعة تاماً مستقلاً.
ب‌- أن لا يكون الابتداء في السابعة بقوله } غير المغضوب عليهم { لأنه لفظ استثناء ، وليس في القرآن آية مبتدأة به ([69]).
وأجيبَ عن الأول: بأن الكلام تام ومستقل ، و إلا فلو قلنا: "يا رب اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم" كان دعاء تاماً كاملاً، ثم يلزم " اهدنا الصراط المستقيم " هو غير تام على قولكم، لأنه يتعلق بما بعده، وهو " صراط الذين " وجعلته آخر آية ، وجعلت " صراط الذين " أول آية وهو متعلق بما قبله ([70]).
وعن الثاني: بأن هذا جائز، قد عده أهل المدينة وأهل الشام ،ومثله في عدة مواضع، قال تعالى } ويخلد فيه مهانا { [الفرقان:69] ثم ابتدأ } إلا من تاب وآمن { [الفرقان:70] وقال } فبشرهم بعذاب أليم { ثم قال} إلا الذين آمنوا{ [ الانشقاق:24-25] وقال }ثم رددناه أسفل سافلين { ثم قال }إلا الذين آمنوا{ [التين:5-6] وفي سورة العصر ثلاث آيات والآية الأخيرة } إلا الذين آمنوا{ [ العصر:3]وهو استثناء، وهذا لأن الاستثناء المقطوع بمنزلة الكلام المبتدأ، وهو مقطوع، لأن " المغضوب عليهم" ليس من جنس الذين أنعم الله عليهم، والاستثناء من غير الجنس لا يكون صفة ، فيكون مقطوعاً([71]).
ثم اعترض على هذا الحديث باعتراضين ([72]):
الأول: قال الرازي: "ولا يغتر بكونه في صحيح مسلم ، فإن من رواته العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، وقد ضعفه يحيى بن معين"([73]).
الثاني: أنه جاء ذكر البسملة([74]) في بعض الروايات، فقال " فإذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله ذكرني عبدي " ([75])، وهذه الرواية وإن كان فيها ضعف، لكنها مفسرة لحديث مسلم أنه أراد السورة لا الآية 0
وأُجيبَ عن الأول: بأن العلاء بن عبد الرحمن ثقة، روى عنه جماعة ، منهم الأئمة ، ولم يثبت فيه لأحد حجة، وهو حجة فيما نقل- والله أعلم - ، وحديثه في هذا الباب يقضي بأن " بسم الله الرحمن الرحيم" ليست آية من فاتحة الكتاب، وهو نص في موضع الخلاف لا يحتمل التأويل([76]).
قال الزيلعي ردّاً على هذه الشبهة: " وهذا القائل حمله الجهل وفرط التعصب على أنْ ترك الحديث الصحيح، وضعَّفه لكونه غير موافق لمذهبه، وقال: لا يعبأ بكونه في صحيح مسلم، مع أنه قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الأثبات، كمالك وسفيان بن عيينة ، وابن جريج وشعبة وعبد العزيز الدراوردي وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير وغيرهم، والعلاء نفسه ثقة صدوق" ([77]).
وعن الثاني: بأنه لم يرو هذا غير عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن ، وهو متروك الحديث عند أصحاب الحديث، وجميع الثقات رووا عن العلاء بن عبد الرحمن من غير ذكر البسملة([78]).
قال الزيلعي: وهذه الرواية انفرد بها عنه ابن سمعان، وهو كذاب، ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولا في المصنفات المشهورة، ولا المسانيد المعروفة، وإنما رواه الدارقطني في سننه التي يروي فيها غرائب الحديث ([79]).
وقال الدارقطني بعد أن أورد الحديث: ابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان ، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات عن العلاء بن عبد الرحمن، منهم مالك بن أنس وابن جريج وروح بن القاسم وابن عيينة وابن عجلان والحسن بن الحر وأبو أويس وغيرهم على اختلاف منهم في الإسناد، واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه " بسم الله الرحمن الرحيم " واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب ([80]).
ثانياً: الدليل على أنها ليست من كل سورة:
1- حديث أبي هريرة عن النبي r أنه قال:" سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك " ([81]).
وجه الدلالة من الحديث: أنها ثلاثون آية سوى بسم الله الرحمن الرحيم ، ولو كانت التسمية منها لبدأ بها وكانت إحدى وثلاثين آية([82]).
2- و أجمع الناس على أن سورة الـكوثـر ثلاث آيات بـدون بسم الله الرحمن الرحيم ، ولـو كانت منها لكانت أربعاً ([83]).
أجاب الشافعية عن ذلك من وجهين :
أ‌- قال الماوردي: " إنهم أشاروا إلى ما سوى بسم الله الرحمن الرحيم " ([84])، وقال النووي:" وأما الجواب عن حديث شفاعة تبارك ، فالمراد ما سوى البسملة، لا أنها غير مختصة بهذه السورة" ([85]).
ب‌- قالوا : بأنه يجوز أن يكونوا جعلوها مع الآية الأولى واحدة([86]).
وأجيبَ عن الأول: بأنه لا يجوز ترك ذلك لأجل المشاركة ، كما لا يترك " الـم([87]) " و"حـم([88]) " و" الـر([89])" لأجل المشاركة، ولأنه لو قصد تعريفها لقال:" سورة تبارك الملك " ، فلما قرأ الآية على نظمها دلّ على أنه قصد قراءة أولها.
وعن الثاني: أن هذا قول يخالف جميع أهل العدد، فإنهم أجمعوا على أنها ليست آية من كل سورة، فمُثْبِتُها مخالف الإجماع قبله ([90]).
الـــراجـــح: بعد هذا العرض والبيان ، ومناقشة الأدلة، يتبين أن القول الراجح في المسألة هو القول الأول، وهو أن البسملة من القرآن حيثُ كُتِبتْ، آية مستقلة من كتاب الله من أول كل سورة وليست من السورة، وذلك لما يأتي:
1- لقوة أدلة القائلين بهذا القول.
2- ولأن هذا القول هو أعدل الأقوال ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله([91]).
3- ولأن الأدلة تشهد لهذا القول ، وتجتمع على ذلك، فإن كتابتها في المصحف وإثباتها فيه دليل على أنها من القرآن، وكتابتها مفردة مفصولة عما قبلها وبعدها، تدل على أنها ليست من السورة، بدليل حديث أبي هريرة السابق عن النبي r أنه قال " سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك"([92]).
وهذا لا ينافي ذلك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس قال، بينا رسول الله r ذات يوم بين أظهرنا إذْ أغفي إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله ، قال: " أنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم } إنا أعطيناك الكوثر* فصلِّ لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر{([93])، فلم يذكر أنها من السورة ، بل فيه أنها تقرأ في أول السورة، وهذه سنة ، فإنها تقرأ في أول كل سورة، وإن لم تكن من السورة.
ومثله حديث ابن عباس " كان رسول الله r لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم "([94])، ففيه أنها نزلت للفصل ، وليس فيه أنها آية منها. وكذا سورة "تبارك الذي بيده الملك" ثلاثون آية بدون البسملة.
د- ولأن العادّين لآيات القرآن لم يعد أحد منهم البسملة من السورة([95]). والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
الحواشي
[1] -انظر: المجموع للنووي 3/281، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/438، تفسير ابن كثير 1/32، نيل الأوطار2/233.
[2] -حكاه عنه شيخ الإسلام في مجموع فتاواه22/438، قال ابن المنذر في الأوسط 3/125: " قال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم من القراءة، فقد ترك مائة آية وثلاث عشرة آية " وقد ذكر هذا القول أيضاً ابن عبد البر في التمهيد 20/207، وعزا إليه ابن قدامة في المغني2/151 القول بأنها من الفاتحة، وابن عبد البر في الإنصاف ص(163) وابن كثير في تفسيره 1/33، والشوكاني في النيل2/233، حكى كل واحد منهم عنه القول بأنها من كل سورة، لكن ليس في قوله المذكور دليل صريح على كونها من الفاتحة أو من كل سورة، بل يدل على أنها آية حيثُ كُتِبتْ، وهذا اختيار شيخ الإسلام-كما سبق- واختاره الزيلعي في نصب الراية 1/327، وهو الصحيح .
[3] -انظر: المغني 2/151،الشرح الكبير3/436،الإنصاف 3/431، الانتصار2/224-225، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 13/418، شرح منتهى الإرادات1/178،الروض المربع ص(89) بلغة الساغب ص(72) التنقيح المشبع ص (67).
[4] - انظر: أحكام القرآن للرازي1/8،المبسوط1/16، تحفة الفقهاء 1/221-222بدائع الصنائع1/203، رد المحتار1/491
[5] - حكاه عنه الرازي في أحكام البسملة ص (22) وابن عبد البر في الإنصاف ص (157) والتمهيد 20/207،والاستذكار2/176، والزيلعي في نصب الراية 1/327، وانظر: الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي ص (516).
[6] - انظر: الأم 1/11، أحكام البسملة للرازي ص (20) نهاية المحتاج 1/458،مختصر خلافيات البيهقي2/14،الغاية القصوى1/296-297،زاد المحتاج1/272،الحاوي البير2/105، التعليقة2/742، المهذب1/242،الوسيط2/114،شرح منهاج الطالبين1/148،حاشية القليوبي1/148.
[7] - حكاه عنهم: ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33،والشوكاني في النيل2/233
[8] -حكاه الرازي عنه في أحكام البسملة ص (39) ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33،والشوكاني في النيل2/233
[9] -انظر: المغني 2/151، اختاره أبو عبد الله بن بطة وأبو حفص العكبري، الشرح الكبير3/436،الإنصاف 3/431
[10] - انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج 1/305،الأوسط 3/123، الإنصاف ص (163)، المغني 2/151.
[11] - انظر: الأوسط 3/123، الإنصاف ص (163)، المغني 2/151
[12] - حكاه عنه ابن البر في التمهيد 2/207، والاستذكار2/176، وحكى عنه موافقته للشافعي في كونها من الفاتحة ومن كل سورة ابن عبد البر في الإنصاف ص (162) وابن كثير في تفسيره 1/33، والشوكاني في النيل2/233، لكن القول المحكي عنه " هي آية من أم القرآن _ كما في التمهيد والاستذكار- يقتضي أنه يذهب إلى أنها من الفاتحة فقط.
[13] - حكاه عنهم ابن عبد البر في الإنصاف ص (163)
[14] - المرجع السابق نفسه
[15] - المرجع السابق نفسه
[16] -انظر: الإنصاف ص (153)، التمهيد 20/206، الاستذكار2/175، شرح منح الجليل1/160،الإشراف 1/75، عقد الجواهر الثمينة1/133،حاشية العدوي1/5،حاشية الدسوقي1/199،جواهر الإكليل1/53، الجامع لأحكام القرآن1/66.
[17] - انظر: نصب الراية 1/327، المبسوط1/15، البحر الرائق1/330
[18] - حكاه عنهما: ابن المنذر في الأوسط 3/121، وابن قدامة في المغني 2/152
[19] - حكاه عنه ابن عبد البر في الإنصاف ص (153) والتمهيد 20/207
[20] - قاله شيخ الإسلام في مجموع فتاواه 22/438، وانظر: المبدع 1/435
[21] - انظر: الذخيرة للقرافي 2/180
[22] - انظر: الإشراف 1/75-76
[23] - انظر: الذخيرة 2/180-181
[24] - انظر: المجموع للنووي 3/282 بتصرف يسير
[25] - انظر: التمهيد 20/202، الاستذكار2/174
[26] - روي مثله عن قتادة انظر: جامع البيان 4/182
[27] - أورد هما الطبري في تفسيره 7/494
[28] -قاله مجاهد، انظر : جامع البيان 7/494
[29] -قاله قتادة، انظر: جامع البيان 7/494
[30] -انظر: جامع البيان 7/494، وهذا الجواب نقله ابن عبد البر عن أصحاب الشافعي في الاستذكار 2/182ونقلته أنا بتصرف يسير.
[31] - انظر: المجموع 3/282
[32] -انظر: مختصر خلافيات البيهقي 2/41 رقم المسألة(77)
[33] -انظر: الإشراف 1/76
[34] - المرجع السابق نفسه
[35] - انظر: الانتصار في المسائل الكبار 2/238
[36] -انظر: المجموع 3/282-283
[37] - رواه أبوداود 2/353مع شرحه العون ، والحاكم في المستدرك1/231وصححه ووافقه الذهبي.
[38] - رواه أبوداود معلقاً عن الشعبي وأبي مالك وقتادة وثابت بن عمارة 2/352مع شرحه العون
[39] -انظر: الانتصار 2/236-237
[40] - رواه أبوداود برقم (4001) والدارقطني 1/310، والطحاوي 1/199 وأعله بالانقطاع 1/201، ورده الحافظ في التلخيص 1/247-248 فقال: " وهذا الذي أعله به، ليس بعلة، فقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن أم سلمة بلا واسطة، وصححه ورجحه على الإسناد الذي فيه يعلى بن يملك"، وصححه الألباني في الإرواء برقم (343).
[41] -انظر: الانتصار 2/228، معونة أولي النهى 1/699
[42] - انظر:معونة أولي النهى 1/699
[43] -رواه الدارقطني 1/310
[44] - انظر: التحقيق في أحاديث الخلاف 1/347
[45] - انظر: السنن للدارقطني 1/310
[46] - رواه الدارقطني 1/308
[47] - انظر: التحقيق 1/348
[48] - تقدم تخريجه
[49] -انظر: الأوسط 3/122-123
[50] -رواه مسلم برقم (876) وانفرد به ، ورواه مالك في الموطأ 1/84-85، ورواه أيضاً أهل السنن.
[51] - الإنصاف ص (183-184)
[52] -الانتصار2/230
[53] - المجموع3/285
[54] - الانتصار2/230
[55] - انظر: المجموع 3/285
[56] - نيل الأوطار 2/241
[57] - الانتصار 2/231
[58] - انظر: المجموع3/285-286
[59] -قاله البغوي في شرح السنة 3/47
[60] - الانتصار 2/231
[61] -المجموع 3/286
[62] -الذخيرة 2/176
[63] - الانتصار 2/231
[64] - أحكام البسملة ص (32)
[65] -رواه مسلم برقم (534)
[66] -الذخيرة 2/176
[67] -شرح السنة للبغوي 3/47
[68] - انظر: الذخيرة 2/177
[69] - قاله الماوردي في الحاوي 2/108
[70] -الانتصار 2/238
[71] -انظر: الانتصار2/232
[72] - ذكرهما الزيلعي في نصب الراية 1/339 عن بعض المتأخرين.
[73] - أحكام البسملة ص (33)
[74] -قد ضعفه النووي في المجموع 3/285
[75] -رواه الدارقطني في السنن 1/309
[76] - التمهيد 20/215
[77] - نصب الراية 1/340
[78] - الانتصار 2/230
[79] - نصب الراية 1/340
[80] - السنن للدارقطني 1/310
[81] - رواه أبوداود برقم (1400) وأحمد في المسند 2/299و321، والحاكم في المستدرك 1/565، 2/498، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
[82] -انظر: الانتصار 2/233، المغني 2/153
[83] - المغني 2/153
[84] - الحاوي الكبير 2/108
[85] - المجموع 3/286
[86] -الحاوي 2/108
[87] - في فواتح سورة القرة ، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان ، والسجدة.
[88] -في فواتح سورة غافر، وفُصِّلت، والشورى، والزخرف، والدخان،والجاثية، والأحقاف.
[89] -في فواتح سورة يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحِجْر.
[90] -الانتصار 2/234
[91] -انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/439
[92] -تقدم تخريجه
[93] - رواه مسلم برقم (892)و(5952).
[94] - تقدم تخريجه.
[95] - انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/439

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

صراخ في باطن الأرض؟؟؟؟؟؟؟



هذا التسجيل الصوتي المخيف حدث في جزيرة كولسكي إحدى مناطق مورمانسيك في سيبيريا بشمال روسيا على الحدود النرويجية عندما كان فريق من علماء الجيولوجيا بقيادة الباحث الدكتور(سيمتري أزاكوف) يقومون بأبحاثهم في باطن الأرض بحثاً عن المعادن ولخدمة أبحاثهم النووية والذرية في عام 1998، وأثناء استخدام المجسات والسماعات من أجل سماع أصوت ذبذبات الحمم النارية والبراكين والغليان في باطن الأرض للتنبؤ بحركاتها ودراستها فوجئوا بسماع أصوات بشرية عددها بالملايين تصرخ من شدة التعذيب رجالاً ونساءً، عندها أصيب الفريق بذهول وبصدمة كبيرة جداً ، وقد بثت إذاعات روسية ذلك الصوت، وبثته أيضاَ إذاعة أمريكية، كما ونشرته صحف أخرى في عدة بلدان ، كما تم وضعه في مواقع عديدة على شبكة الانترنت في ذلك الوقت، والعالم الفيزيائي والفلكي الشهير (كاسبر بوريس) في الأربعينيات يقول: (صراخ مخيف وبكاء وأسنان تصطك) يمكن أن تسمع من مسافة أميال عندما يثور البركان -من كتاب صهر الأرض- ، وهناك أحداث مماثلة وقعت لأشخاص أثناء نزولهم إلى أعماق المحيطات مثل عالم البحار (جافوس لوسيجا) والذي سمع في أحد أعمق الكهوف المائية في منطقة برمودا أصوات أناس يصرخون من الألم ويعذبون والذي جعله يترك الغوص ويهرب.
تلك هي أصوات الكافرين أو المذنبين أو الظالمين الذين ماتوا على غير دين التوحيد الذي أمر الله به (والله أعلم)، وهي تعذب بعد الموت مباشرةً، فإِن أرواحهم يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها، ثم يهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها، ثم تدخل إلى الأرض السابعة السفلى والتي تدعى (سجين)، كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) الانفطار 13-14، وتلك الأرواح مسجونة الآن في باطن الأرض وتعذب في داخل ذلك الحميم الملتهب إلى يوم القيامة وهو مايعرف بعذاب القبر أو عذاب البرزخ، وفي يوم القيامة ستجتمع أرواحهم وأجسادهم في النار. وفي آية أخرى يقول ربنا عزوجل: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، غافر-46، أي أن دخول أرواح الكفار النار يكون بعد الموت مباشرةُ، وفي القيامة سيدخلون النار أرواحاً واجساداً ليعذبوا فيها أقسى أنواع العذاب، وفي آية أخرى يخبرنا الله جل وعلى عن سبب إغراقه للكفارمن قوم سيدنا نوح عليه السلام وكيف أدخلهم النار مباشرةً بعد الإغراق: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا) نوح-25، وفي آية أخرى يقول الله تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ) المطففين-8، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَجِّينٌ) هي الأرض السابعة السفلى. وهذا يؤكد أن هناك عذاب مباشر للكفار بعد الموت، ولهم عذاب أشد وأعظم يوم القيامة. قال الله تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) البقرة 165 قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) صدق الله العظيم، فاطر 36-37
وهذا ما بينه لنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عما يحدث للروح المؤمنة ومايحدث للروح الكافرة بعد موتها بالتفصيل.

(روح الكافر)
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم كفن من النار وحنوط من النار فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده كراهةً لما بشرت به وفراراً منه ولكن ملك الموت وقد وكل بقبض الأرواح ينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها الملائكة في يده طرفة عين حتى يجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأخبث ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى يصعد بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له ولكن لاتفتح له السماء بابها ، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) فيستحيل أن تفتح أبواب السماء لأرواح الكفار، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه إلى الأرض طرحا، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرمِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيقولان له من ربك فيقول ها ها.... لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول ها ها ... لا أدري فينادي منادي من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبرة حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوئك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث، فيقول ربي لا تقم الساعة (لخوفه مما سيأتي) ، يقول الله تعالى: (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقَى). قال تعالى: (إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) الزخرف: 65
قال الله سبحانه وتعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ*قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ*وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) صدق الله العظيم آل عمران-83-85

(روح المؤمن)
وقال صلى الله عليه وسلم:
(إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج وتسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء (أي تخرج بسهولة لأنها بشرت بالخير) ، فيأخذها ملك الموت فإذا أخذها لم يتركها الملائكة في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء ويشيعه مقربوها إلى السماء الثانية وهكذا إلى بقية السماوات فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون (فلان بن فلان) بأحسن أسمائه التي كان يدعى بها في الدنيا حتى تصل إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له من نبيك فيقول هو رسول الله فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي). قال الله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم
[نقلاً عن مجلة أخبار العالم الاسبوعية : عدد(10547)تاريخ : 1998ـ4ـ1]
يؤكد علماء حفروا ثقبا في الارض بعمق(15)كيلومترا من أجل دراسة حركات الصفائح الارضية انهم اكتشفوا جهنم هذا ما أكدته صحيفة فنلندية موثوقة تدعى(امنوزاستيا)حين تحدثت عن العالم السوفياتي الدكتور:(سيميتري ازاكوف)الذي قال:ان مخلوقا مجنحا قد خرج من الثقب قبل ان ينزلوا فيه ميكروفونا التقطت صراخ المعاقبين.وتابع الدكتور (سيميتري ازاكوف) قائلا: اؤمن الان بوجود جهنم وقد اذهلنا بالطبع ما اكتشفناه حدثت هذه المأساة المرعبة حسب قول الجيولوجين والعلماء السوفييت عندما بلغوا عمق (15) كم بينما كانوا يحفرون بئرا في موقع لم يتم تحديده في غرب سيبيريا ..وقد اضاف الدكتور (آزاكوف): أخذ رأس الحفارة يدور بسرعة جنونية مشيرا الى انا بلغنا جيبا كبيرا او مغارة . وقد دلت مؤشرات الحرارة حيث بلغت (2000) درجة فهرنهايت. وعندما اخرجنا الحفارة لم نصدق ما رأت أعينا، لقد ظهر مخلوق له انياب واعين شريرة ضمن غيمة غازية واخذ يطلق صراخا كصراخ حيوان مفترس قبل اختفائه.ولاذ بعض الفنيين والعمال بالفرار أما من رغب بمعرفة المزيد فقد بقي هناك ، فانزلنا الى داخل البئر ميكروفونا مخصصا لتسجيل الاصوات التي تصدرها حركات الصفائح الارضية .لكن بدل ان نسمع صوت حركات الصفائح الارضية سمعنا صوتا بشريا يصرخ من الالم. ظننا في البداية ان هذه الضجة صادرة عن اجهزتنا نفسها ، وبعد تأكدنا من أجهزتنا تحققت مخاوفنا لم يكن ذلك الصراخ والعويل صادر عن انسان واحد بل كان صراخ الملايين من البشر. ومع ذلك تمكنا من تسجيل ذلك على شريط واحتفظنا بهذه التجربة الشبيهة بالكابوس. كما اوقفنا ابحاثنا وغطينا البئر...من الواضح اننا اكتشفنا شيئا يفوق الفهم فقد سمعنا ورأينا أشياء لم يكن من المفروض ان يراها ويسمعها أحد. وقد رفض المسؤولون السوفييت التعليق على التقرير بعد دراسة هذه المعلومات وعلى التحقيق الذي سيتم فيما بعد. وختمت صحيفة (امنوزاستيا) في مقال افتتاحي غطى صفحة كاملة (لا يسعنا الا ان نأمل بأن يزودنا السوفياتيون بالتفاصيل اذ يحق للعالم أجمع معرفة الامر.

الاثنين، 6 أبريل 2009

راحة القلب في ذكر الله

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه وتعالى: (اذكروني أذكركم) وقال رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (علامة حبِ الله حب ذكر الله وعلامة بغضِ الله بغض ذكر الله)، وقال أيضاَ (من أكثر ذكر الله أحبهُ الله) أي إذا كنت تذكرالله فهذا يدل أنك تحب الله والله سيحبك، ومن أحبَهُ الله لن يعذبَه. وقال صلى الله عليه وسلم (مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه كمثل الحي والميت), وقال صلى الله عليه وسلم (ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله), قال موسى عليه السلام: (يارب وددت أني أعلم من تحب من عبادك فأحبهُ قال إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك وأنا أحبه وإذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجبته عن ذلك وأنا أبغضه), وقال موسى عليه السلام (يا رب علمني شيئا اذكرك به وأدعوك به قال يا موسى قل لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقول هذا قال قل لا إله إلا الله قال لا إله إلا أنت يا رب إنما أريد شيئا تخصني به قال يا موسى لو كانت السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله) وفي بعض الأخبار القدسية عن الله عزوجل أنه قال: (إن لي عباداً يحبونني وأحبهم، ويشتاقون إلى وأشتاق إليهم، ويذكرونني وأذكرهم وأول ما أعطيهم أن أقذف من نوري في قلوبهم، فيخبرون عني كما أخبر عنهم، ولو كانت السماوات والأرض وما فيهما في موازينهم لاستقللتها لهم، وأقبل بوجهي عليهم، لا يعلم أحد ما أريد أن أعطيهم). وورد أيضاَ في الحديث القدسي عن الله عزوجل أنه قال (أهل ذكري أهل مجالستي فمن أراد أن يجالسني فليذكرني). وجاء أيضاَ في الحديث القدسي (أنا جليس من ذكرني، أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه، إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في الملأ الأعلى في ملأ خير من ملئه)، وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الله تعالى يقول (إذا كان الغالب على عبدي الاشتغال بي جعلت نعيمه ولذته في ذكري فإذا جعلت نعيمه ولذته في ذكري عشقني وعشقته). وأوحى الله تعالى إلى سيدنا داود عليه السلام: (أخبر أهل الأرض بأني حبيب لمن أحبني ، جليس من جالسني، مؤنس لمن أنس بي). أوحى الله إلى عيسى بن مريم عليه السلام: )أنزلني من نفسك كهمّك، واجعلني ذخراً لك في معادك، وتقرب إليّ بالنوافل أحبك، ولا تولّ غيري فأخذلك، اصبر على البلاء وارض بالقضاء، وكن لمسرّتي فيك ، فإن مسرّتي أن أطاع فلا أعصى، وكن منّي قريباً، وأحيّ ذكري بلسانك، ولتكن مودتي في صدرك، تيقظ من ساعات الغفلة، واحكم في لطيف الفطنة، وكن لي راغباً راهباً، وأمت قلبك في الخشية لي، نافس في الخيرات جهدك، واعترف بالخير حيث توجّهت، وقم في الخلائق بنصيحتي، واحكم في عبادي بعدلي(.‏ وأوحى الله تعالى إلى سيدنا داود: (يا داود، إني لا أنسى من ينساني، فكيف أنسى من يذكرني ؟). إن ذكر الله هو مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه وتعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب). فالقلوب لاتسكن ولا تسعد إلا بذكرالله عزوجل، وذكر الله يذهب جميع الأحزان، وكيف لا يكون ذلك والله هو من خلق تلك القلوب وهو أعلم بأسرارها؟ والذاكر يعطيه الله جميع أمنياته، لكن يجب أن نذكر الله تعالى مع كمال الحب والشوق إليه لا من أجل أن يعطينا، وأن نذكره من أجل ذكره لنا، فإنه ذكركنا وهو غني عنا، وأنعم علينا قبل أن نطلب منه، فذكره لنا أتم وأجل من ذكرنا له. فإذا ذكرك الله ملأ قلبك سعادة وطمأنينة ووفقك في حياتك وأكرمك ونعمك وأعطاك ماتتتمنى. أوحى الله إلى سيدنا داوود عليه السلام (قد كذب من ادعى محبتي فاذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب لقاء حبيبه فها أنا ذا موجود لمن طلبني) وقال موسى عليه السلام (يا رب أين أنت فأقصدك فقال إذا قصدت فقد وصلت). وأوحى الله تعالى إلى آدم عليه السلام (يا آدم من أحب حبيباَ صدّق قوله، من أنس بحبيبه رضي فعله، ومن اشتاق إليه جدّ في مسيره). أوحى الله إلى موسى: (اطلبني تجدني ، فإن وجدتني فقد وجدت كل شيء وإن فتك فقد فاتك كل شيء) والذكر لايكون في دقيقة أو دقيقتين، يجب أن يكون الذكر لفترة لاتقل عن نصف ساعة في اليوم، وأفضل الذكر أن تقول (لا إله إلا الله). ويقول الله عزوجل: (لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي)، ويجب أن يكون الذكر في مكان هادئ، وخال، مع حضور القلب، والمقصود من الذكر حب الله، فحب الله هو الغاية القصوى لأنه لايستحق المحبة بالحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى، وكما قالت السيدة رابعة العدوية في شعرها: (أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاكا فأما الذى هو حب الهوى فشغلى بذكرك عمن سواكا وأما الذى أنت أهل له فكشفك لى الحجب حتى أراكا) فكلما زاد الذكر ازدادت المحبة وكلما ازدادت المحبة ازدادت اللذة. و المحبة الحقيقية هي تخلية القلب من حب أي محبوب سوى الله، ومن علاماتها كمال الانس بمناجاته سبحانه، وكمال التنعم بالخلوة به، قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (ليس يتحسر أهل الجنة إلا عن ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها) . قال عيسى ابن مريم عليه السلام: (لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافى ومبتلى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقعد قوم يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده), وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء منبتها في مسك أبيض أحلى من العسل و أشد بياضا من الثلج و أطيب ريحا من المسك فيها ثمار أمثال أثداء الأبكار تفلق عن سبعين حلة). وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر), وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاَ: ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم؟ قالوا بلى, قال ذكر الله)، وقال أيضاَ (أكثروا ذكر الله عز وجل حتى يقال إنه مجنون). قال صلى الله عليه وسلم: (يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ يوم القيامة:سَيُعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مِنْ أَهْلِ الْكَرَمِ ، فَقِيلَ : وَمَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَهْلُ الذِّكْرِ فِي الْمَسَاجِدِ). فإن كنت تطلب السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة فاستغرق عمرك كله في الذكر الدائم لله عزوجل. يقول الله تعالى جل جلاله: (وعزتي وجلالي، وجودي وكرمي، وارتفاعي فوق عرشي في علو مكاني، لأقطعن آمال كل مؤملٍ لغيري بالإياس، ولأكسونه ثوب المذلة بين الناس، ولأنحينه من قربي، ولأقطعنه من وصلي، أيؤمَلُ غيري في النوائب، والشدائد بيدي؟ وأنا الحي، ويرجى غيري ويقرعُ بالكفرِ باب غيري، وبيدي مفاتح الأبواب، وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني؟ ومن ذا الذي أملني لنائبةٍ فقطعت به دونها؟ ومن ذا الذي رجاني بعظيم جرمه فقطعت رجاءه مني؟ ومن ذا الذي قرع بابي فلم أفتح له؟ جعلت آمال خلقي بيني وبينهم متصلة، فقطعت بغيري، وجعلت رجاءهم مدخوراً لهم عندي فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي بمن لايملُّون تسبيحي من ملائكتي، وأمرتهم ألا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقتُه نائبةُ من نوائبي أنه لايملك كشفها أحدٌ غيري؟ فما لي أراه بآماله مُعرضاً عني؟ ومالي أراه لاهياً إلى سواي؟ أعطيته بجودي مالم يسألني ثم انتزعته منه فلم يسألني رده وسأل غيري، أفتراني أبدأ بالعطية قبل المسألة ثم أُسألُ فلا أجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخلني خلقي؟ أليس الدنيا والآخرة لي؟ أوليس الجود والكرم لي؟ أوليس أنا محل الآمال؟ فمن ذا الذي يقطعها دوني؟ وماعسى أن يؤَمِلَ المؤملون لو قلتُ لأهل سماواتي وأهل أرضي أمِّلوني، ثم أعطيت كل واحدٍ منهم من الفكر مثل ماأعطيت الجميع ماانتقص ذلك من ملكي عضوَ ذرة، وكيف ينقص ملكٌ كاملٌ أنا فيه؟ فيا بؤس القانطين من رحمتي، ويابؤسَ من عصاني ولم يراقبني، ووثبَ على محارمي ولم يستح مني).يقول الله تعالى جل جلاله: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، أرزق ويشكر سواي ، خيري إلي العباد نازل وشرهم إلي صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ! ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إلي ، أهل ذكري أهل مجالستي ، من أراد أن يجالسني فليذكرني ، أهل طاعتي أهل محبتي ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إلي فأنا حبيتهم ، وإن أبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب ، من أتاني منهم تائباً تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب ، أقول له : أين تذهب؟ ألك رب سواي ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة عندي بمثلها وأعفو ، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم). يقول الله تعالى جل جلاله: (ياعبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا. يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم . يا عبادي، كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. ياعبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. ياعباديي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).

الأحد، 5 أبريل 2009

من أحكام البسملة

*من أحكام البسملة* [الحلقة الثالثة]
قراءة البسملة لغير متطهر
{ معراج عالم محمد إنفاق التيمي }

لا خلاف بين العلماء في أن البسملة من القرآن ([1])،كما أجمعوا على جواز قراءتها للمحدث الحدث الأصغر([2]).
أما الجنب فذهب جمهور العلماء([3]) إلى تحريم قراءتها له على قصد القرآن دون الذكر، إلا في أحد القولين عند المالكية([4])، قالوا: لا يحرم قراءة آية للتعوذ أو الرقية أو الاستدلال على حكم شرعي.
الأدلة والمناقشة:
استدل المالكية على جواز قراءة آية بما يأتي:
1- قالوا إن الغالب من أحوال المسلمين ذكر الله والتعوذ، فكانت به ضرورة إلى ذلك للمشقة في منعه، فاستثنى من المنع كما استثنى المحدث([5]).
2- ولأن ما تعلق بالمنع لحرمة القرآن يجوز أن يخالف منه اليسير الكثير للحاجة، كما أن النبي r نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ثم كتب إليهم } قل يا أهل الكتاب تعالوا ...{ الآية [ آل عمران: 64]([6]).
ونوقش هذا الاستدلال بأن المنع من القراءة لتعظيم القرآن ومحافظة حرمته، وهذا لا يوجب الفصل بين القليل والكثير([7]).
أما قولهم إن في منعه مشقة فلا يسلّم، لأن الجنب يمكنه أن يتطهر ، فلا عذر له في ترك الطهارة([8]).
واستدل الجمهور على أن الجنب ممنوع من قراءة القرآن مطلقاً، بما يأتي:
1- حديث علي t أن النبي r كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة([9]).
2- قوله r للذي سلم عليه ولم يرد عليه السلام " إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر" ([10])، ولم يكن r متوضئاً، والقرآن أشرف الذكر([11]).
3- ولأن في منعه من قراءة القرآن حثاً على المبادرة إلى الاغتسال، لأنه إذا علم أنه ممنوع من قراءة القرآن حتى يغتسل، فيكون في ذلك مصلحة([12]).
أما قراءة القرآن للحائض فاختلفوا على قولين:
الأول: يباح للحائض أن تقرأ القرآن، إما مطلقاً، أو إذا خافت النسيان. هذا هو المشهور عند المالكية([13]) وهو اختيار شيخ الإسلام([14]) إلا أنه قيده بخوف النسيان([15])، وهو قول في مذهب الإمام أحمد([16]).واختاره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين([17]) رحمهم الله جميعاً.
الثاني: لا يباح للحائض أن تقرأ القرآن مطلقاً. وبه قال جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة ([18]) ، والإمام مالك في رواية([19]).
الأدلة والمناقشة:
استدل الجمهور بحديث ابن عمر t عن النبي r قال: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن " ([20]).
وأجيب عن الاستدلال بالحديث بأنه حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولم يثبت في منع قراءة الحائض القرآن شيء عن النبي r سوى الحديث المذكور، وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن موسى عن نافع عن ابن عمر. وإسماعيل ما يرويه عن الحجازيين أحاديث ضعيفة([21]).
واستدل المالكية ومن وافقهم بما يأتي:
1- إن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع، ولم يثبت في منع الحائض من قراءة القرآن حديث صحيح صريح ([22]).
2- قالوا إن الحيض عادة مألوفة تدوم بها الأيام ولا يقدر على رفعه ، فيشق عليها الامتناع من القراءة أياماً تباعاً، فجاز لهذه الضرورة أن يعفى لها عن المنع، كما جاز ذلك للمحدث([23]).
3- إن الله أمر بتلاوة القرآن مطلقاً، وقد أثنى على من يتلو كتابه، فمن أخرج شخصاً عن عبادة الله ، فإننا نطالبه بالدليل، وإذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح على المنع، فإنها مأمورة بالقراءة([24]).
الاعتراض والجواب عن ذلك:
فإن قيل بقياس الحائض على الجنب بجامع لزوم الغسل لكل منهما بسبب خارج؟
يجاب عن ذلك بأنه قياس مع الفارق، لأن النساء كنّ يحِضْنَ على عهد رسول الله r ولم يكن ينههنَّ عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينههنّ عن الذكر والدعاء، بل أمر الحُيَّض أن يخرجن يوم العيد فيكبرن بتكبير المسلمين، وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، تُلبِّي وهي حائض، ولذلك بمزدلفة وغير ذلك من المشاعر.
وأما الجنب فلم يأمره أن يشهد العيد، ولا يصلّي ولا أن يقضي شيئاً من المناسك، لأن الجنب يمكنه أن يتطهر، فلا عذر له في ترك الطهارة، بخلاف الحائض فإن حدثها قائم لا يمكنها مع ذلك التطهر([25])، وكذا فإن الحائض مدتها تطول غالباً، والجنب مدته لا تطول، لأنه سوف تأتيه الصلاة ويلزم بالاغتسال([26]).
أما النفساء فحكمها كالحائض خلافاً ومذهباً.
الــراجـــح: من خلال هذه الدراسة يترشح أن الراجح في تلك المسائل كالتالي:
1- يجوز للمحدث الحدث الأصغر قراءة البسملة على وجه القرآن وغيرها من الآيات القرآنية إجماعاً.
2- لا يجوز للجنب قراءة البسملة ولا غيرها من الآيات القرآنية من غير فصل بين اليسير والكثير، لما يأتي:
أ‌- لقوة الأدلة الدالة على المنع، وضعف أدلة الفريق المخالف.
ب - ولأن الجنابة مكتسبة، كما أن بيد الجنب أن يتطهر.
3- يجوز للحائض أن تقرأ البسملة وغيرها من القرآن ما تشاء، لما يأتي:
أ- لعدم وجود نص صحيح صريح دال على منع قراءة الحائض القرآن.
ب- ولأن حدثها قائم بها لا طاقة لها أن تتطهر مع ذلك، كما أن مدته تطول غالباً.
4- يجوز للنفساء قراءة البسملة وغيرها من القرآن قياساً على الحائض بل من باب أولى أن يرخص لها، لأن مدتها أطول من مدة الحيض([27]). والله تعالى أعلم.
[1] - انظر: المجموع للنووي 3/281، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 22/438، تفسير ابن كثير 1/32، نيل الأوطار2/233.
[2] - انظر: المجموع 1/87، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/461.
[3] - انظر: بدائع الصنائع 1/37، شرح فتح القدير1/167، مختصر الطحاوي ص(18) الإشراف 1/13،عقد الجواهر الثمينة1/67، المجموع 1/179،التهذيب للبغوي1/279، المغني 1/199،الإنصاف2/208،المحرر في الفقه1/27.
[4] - انظر: الإشراف 1/13.
[5] - المرجع السابق نفسه.
[6] - المرجع السابق نفسه.
[7] - انظر: بدائع الصنائع1/37.
[8] - انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/460
[9] - رواه الترمذي برقم (146) وقال حديث حسن صحيح ، وأبوداود برقم (229)والنسائي برقم (265) وابن ماجة في الطهارة 1/59 وضعفه الألباني في الإرواءبرقم (485) وفي ضعيف الترمذي(146) وأبي داود(229) وابن ماجة (594) والنسائي(265) وأخرجه الحاكم في الستدرك 1/152وصححه ووافقه الذهبي.
[10] - رواه أبو داود برقم (17) وصححه الألباني في صحيحه (17) والحاكم في المستدرك 1/167وقال: "صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي
[11] - الشرح الممتع 1/290
[12] - المرجع السابق نفسه
[13] - انظر: مختصر الخليل ص (17)، الخرشي 1/173، الإشراف 1/13، عقد الجواهر الثمينة1/67.
[14] - انظر:مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/460
[15] - حكاه عنه البهوتي في كشاف القناع 1/177 حيث قال نقلاً عنه: " إنه يباح للحائض أن تقرأه إذا خافت النسيان، بل يجب، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" أهـ.
[16] - انظر:مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/460 ، المبدع 1/260
[17] - انظر: مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 17/66، الشرح الممتع 1/291
[18] - انظر: شرح فتح القدير 1/167،البحر الرائق1/209،البناية1/643،التهذيب 1/279،روضة الطالبين1/85،شرح منتهى الإرادات1/105،الإنصاف 2/102
[19] -انظر: الإشراف 1/13
[20] - رواه الترمذي برقم (121) وابن ماجه برقم (595)وقال الألباني في الإرواء (192) " ضعيف " وفي ضعيف سنن الترمذي" منكر"
[21] - انظر:مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/460
[22] -انظر: الشرح الممتع 1/291، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/460
[23] -انظر: الإشراف 1/14
[24] -انظر: الشرح الممتع 1/291
[25] - انظر:مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/460-461، مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 17/66
[26] -انظر: الشرح الممتع 1/291
[27] - المرجع السابق نفسه.